تقرير جديد يقول إن الملاحقة القضائية لمرتكبي الانتهاكات الهائلة تمثل أمراً أساسياً للدول الخارجة من نزاعات

15/10/2014

صدر تقرير جديد عن مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة وجبر الضرر وضمانات عدم التكرار، ويقول التقرير إنه يجب على الدول في أعقاب النزاعات المسلحة والعنف الواسع النطاق أن تستخدم الملاحقات الجنائية لإخضاع مرتكبي الجرائم الخطيرة للمحاسبة على أفعالهم.

وقدم المقرر الخاص، بابلو دي غريف، عرضاً أمام مجلس حقوق الإنسان في الشهر الجاري حذّر فيه أنه "على الرغم من الالتزامات الدولية الواضحة، غير أن جزءاً يسيراً فقط من مرتكبي الانتهاكات الهائلة يتم التحقيق معهم ومقاضاتهم"، ودعا الدول الخارجة من نزاعات أن تسعى لتحقيق المحاسبة بشأن الجرائم الخطيرة، وذلك من خلال إقرار استراتيجية شاملة للملاحقة القضائية كجزء من عملية أكبر للعدالة الانتقالية.

ويؤكد تقرير دي غريف على أنه ينبغي فهم الملاحقات القضائية على أنها جزء حيوي من سياسة شاملة للعدالة الانتقالية، كما يؤكد على الواجب بالتحقيق والمقاضاة. ويناقش التقرير على نحو معمّق كيفية وضع استراتيجية تولي الأولوية للملاحقة القضائية، وكيفية تصميم مثل هذا النهج كي يعكس مطالبات الضحايا واحتياجاتهم لتحقيق العدالة.

وقال دي غريف، "إن المشاركة تمكّن الضحايا وتحفز المطالبات بتحقيق العدالة".

هذا التقرير هو الثاني في سلسلة تقارير مكرسة لكل مجال من المجالات الأربعة التي يركز عليها المقرر الخاص.

إن وضع استراتيجية تولي الأولوية لمقاضاة المنتهكين هو أمر أساسي للنجاح. ويذكّر التقرير بأن التحقيقات والملاحقات القضائية ضد المسؤولين عن الإساءات أثناء فترات النزاع يمكن أن تساعد على إعادة بناء الثقة المدنية بالمؤسسات العامة – وهذا أمر محوري لإعادة تأسيس سيادة القانون. ويؤكد دي غريف في تقريره على أن الإجراءات الفعالة للعدالة الجنائية والتي تقر بالضحايا كأصحاب حقوق يمكنها في نهاية المطاف أن تساعد على قيادة المصالحة الاجتماعية.

ومع ذلك، يشير التقرير على أنه في العديد من المجتمعات الخارجة من نزاعات، يظل معظم المسؤولين عن جرائم الماضي دون محاكمة، وذلك لأسباب تتراوح ما بين نقص الموارد، ونقص القدرات والإرادة السياسية، والعدد الكبير لمرتكبي الانتهاكات، و/أو تواصُل القوة السياسية أو التأثير لنظام الحكم. وتتنصل العديد من البلدان من السعي لمحاسبة مرتكبي الانتهاكات، خشية من أن مقاضاة القادة السابقين قد تهدد استقرار الحكومة الانتقالية، أو ربما بسبب ضخامة المهمة. وتُعد قوانين العفو من الشواغل الرئيسية للمقرر الخاص، والذي حذر من أن وضع بعض الناس فوق طائلة القانون، قد يؤدي إلى تكريس ثقافة الإفلات من العقاب.

وإقراراً بأوجه القصور هذه في مجال العدالة، يشرح تقرير دي غريف كيفية وضع استراتيجيات للمقاضاة ووضع أولويات لها على المستوى الوطني، وفي الوقت نفسه احتواء المخاطر التي تتضمنها هذه الإجراءات.

ويقيم دي غريف الحجة بأن استراتيجيات إيلاء الأولوية لمقاضاة مرتكبي الانتهاكات، والتي يتم تكييفها مع السياقات المحلية تزيد إلى أقصى حد من التأثير المحتمل للملاحقات القضائية. ويوضح بأنه يمكن فهم هذه الاستراتيجيات على أنها "وسيلة تركيز" – أي أنها إطار يوفر التوجيه للتحقيقات، وجهود المقاضاة، وتخصيص الموارد.

ويمكن للاستراتيجيات الشاملة أن تحدد أنماط الجرائم والعنف المنهجي، وبوسع الاستراتيجيات التي تُبقي تركيز الملاحقات القضائية على أنماط الانتهاكات التي تخلف عدداً كبيراً من الضحايا، أن تساعد على حماية الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع. وإذا ما وضعت استراتيجيات المقاضاة الأولوية على النظر في الهياكل التي أتاحت للانتهاكات أن تحدث في المقام الأول، فيمكن أن يكون لها فائدة إضافية بتفكيك هذه الهياكل، وبذلك تصبح المحاكمات ليس مجرد حدثٍ منعزل.

ويقول دي غريف إن من الأمور المهمة أيضاً التواصل مع الجمهور وتوعيته من أجل أن تظل أي عملية للعدالة مفتوحة ومكشوفة للجمهور، وللتوضيح على سبيل المثال لماذا يتم التعامل مع بعض الحالات قبل غيرها، أو لإدارة مستوى التوقعات. ويؤكد دي غريف، أن صياغة الاستراتيجية يجب أن تتضمن حوارات ومناقشات مع قطاعات من خارج النظام العدلي.


الصورة: أناس يقفون في صفوف، ليتم تفتيش حقائبهم والتأكد من هوياتهم من قبل القوات الجمهورية، قبل أن يستقلوا النقل العام للتوجه الى داخل البلاد، وذلك بعد يوم من إعتقال الرئيس السابق لوران غباغبو من قبل جنود موالين للحسن واتارا ، في نقطة تفتيش20 كم خارج ابيدجان، ساحل العاج، الثلاثاء، 12 أبريل، 2011 ( صورة أ.ب / ربيكا بلاكويل)