أوغندا

أسفرت عقود من الاضطراب المدني في أوغندا عن انتشار الانتهاكات على أيدي الجهات الحكومية وغير الحكومية، بما في ذلك القتل والعنف الجنسي وتفشّي تجنيد الأطفال. لذا، يُقيمُ المركز الدولي للعدالة الانتقالية الشّراكةَ مع قادة المجتمع المدني في البلاد، ليؤازرهم في مساعيهم إلى طلبِ جبر الضّرر الناجم من هذه الجرائم، ويُناصِرُ إعادَة إدماج الضحايا إدماجًا ناجحًا ومحاسبة الجناة على حدّ سواء.

الصورة
صورة لأحد مؤيدي زعيم المعارضة بيسيجي خلال حملة الانتخابات الرئاسية

مُناصِرو قائد المُعارضة بيسيغيه يحضرونَ نشاطًا في إطار الحملة الانتخابيّة قُبَيْلَ موعد الانتخابات الرّئاسيّة، وذلكَ في كامبالا في 16 شبط/ فبراير من العام 2011. 

حالياً

الخلفية

بعد أن نالَت أوغندا استقلالها في العام 1962، قاسَت حوالى عقدين من الاضطراب المدني في عهد الرئيسين السابقين ميلتون أوبوتي وعيدي أمين. فقد قُدِّرَت حصيلة القتل في تلكَ الفترة بنحوِ 300 ألف قتيلٍ على الأقلّ.

في العام 1979، غزا الأوغنديون المنفيون البلاد، بمَن فيهم الرئيس الحالي، يو ويري موسيفيني. وبعد وقوعِ حربِ العصابات، أحكمَ موسيفيني وجيش المقاومة الوطنية السّيطرَة على البلاد في العام 1986، فَأبرما وكثيرٍ من حركات مكافحة التمرّد صفقاتٍ عدّة.

ومع ذلك، انخرطَت حركةٌ مُتمرّدة، هيَ جيش الرب للمقاومة، في نزاعٍ طويل الأمد ومستمر ضدَّ الجيش الأوغندي في الجزء الشمالي من البلاد. وقد شهدَ النّزاع انتهاكاتٍ وحشية لحقوق الإنسان ارتكبها كلِا الجانبين، بما في ذلك القتل والعنف الجنسي وعمليات الخطف الواسعة الانتشار، بالإضافة إلى استخدام جيش الرب للمقاومة الجنود الأطفال. وفي الفترة المُمتدّة من العام 1979 حتّى العام 2005، تعرّضَ حوالى 75 ألف طفلٍ إلى الخطفِ وأجبروا على العمل كمقاتلين وحمّالين واستُعبدُوا جنسيًّا.

وعلى الرغم من إجراء محادثات سلام من العام 2006 حتّى العام 2008، عجزت الحكومة عن إنهاء النزاع الدّائر مع جيش الرب للمقاومة. لكنّ نشاط جيش الرب للمقاومة تقلّصَ إلى حدّ كبيرٍ خلالَ السنوات المُنصرمة، بعدَ أن ألقي القبض على الكثير من قادته. ومنذ انتهاء محادثات السلام، تعّهدت الحكومة بتنفيذ عدة تدابير للعدالة الانتقالية. وبعد انقضاءِ حوالى 14 سنة، لم ينل ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان العدالة بعد.

يُعيقُ الوضع السياسي في البلاد النضال من أجل العدالة. فقد تسلّم موسيفيني مقاليد الحكم منذ العام 1986، في حين شكّك المُنتقدونَ في شرعية انتخاباته الأربعة الأخيرة، بما فيها الانتخابات الّتي أُجرِيَت في العام 2021 وشهدت أعمال عنف غير مسبوقة مُرتكبة تحتَ كنفِ الدولة، ومضايقاتٍ مُمارسة بحقّ مرشحي المعارضة بالإضافة إلى قمع المجتمع المدني وحجب الانترنت. هذا وقد تعرّض العشرات من أنصار المعارضة للاعتقال التعسفي والتعذيب. وخلال فترة إقامة الحملات الانتخابية، تذرّعت الحكومة الأوغندية بجائحة كورونا لقمع الحقوق والحريات ومنع مرشحي المعارضة من حشد الدعم. واعتقلت قوات الأمن، على نحوٍ مُتكرّرٍ وتعسّفيّ، المرشحَيْن الرئاسيَيْن، روبرت كياغولاني وباتريك أموريات أوبوي، التابعَيْن لمنتدى التغيير الديمقراطي، أثناء قيامهما بحملتهما الانتخابية وعطّلت أنشطتهما الانتخابية. وقد استخدم عناصرُ الشرطة والجيش القوة المفرطة، بما في ذلك استخدام الذخيرة الحيّة والغاز المسيّل للدموع لتفريق التجمّعات السياسيّة بذريعة انتهاكها إرشادات الوقاية من فيروس كورونا. هذا وقد اضطّرَ كياغولاني، إلى ارتداء سترة واقية من الرصاص وخوذة من أجل حماية نفسه خلالَ مُشاركته في نشاطات حملته الانتخابيّة.

وفي 18 و19 تشرين الثّاني/ نوفمبر من العام 2020، اندلعت احتجاجات في شوارع كامبالا ومراكزَ مدنيّة أخرى، فورَ اعتقال كياغولاني، فقَتلت قوى الأمن الأوغندية أكثرَ من 60 شخصًا، بينهم متظاهرون ومارّة.

محادثات السلام والتدابير الانتقالية

في العام 2006، بدأت الحكومة وجيش الرب للمقاومة محادثات جوبا للسلام من أجلِ وضعِ حدٍّ للنزاع. وانتهت المحادثات في العام 2008 من دون أن تُثمرَ أيّ اتفاقٍ رسمي. فقد اشترط قائد جيش الرب للمقاومة جوزيف كوني أن يضعَ توقيعه النهائي على إلغاء أوامر التوقيف الّتي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحقه وبحقّ أربعةٍ من كبار قادته.

ومع أنّ أيّ اتفاقٍ لم يُوقّع، استطاعت محادثات جوبا التّوصلَ إلى خمس نقاط تفاهمٍ مهمة نفّذتها الحكومة بعد العام 2008. وشمل ذلك اتفاق جوبا في شأن المحاسبة والمصالحة الذّي أرسَى عملية البحث عن الحقيقة وجبر الضّرر ووضعَ التدابير الجنائية والمدنية الرسميّة المُتّخذة بحقّ مرتكبي الجرائم الخطيرة أو انتهاكات حقوق الإنسان.

في العام 2008، أنشأت الحكومة الفريق العامل المعني بالعدالة الانتقالية في قطاع العدالة والقانون والنّظام العامّ. وقد كُلَّف الفريق العامل الإشرافَ على تنفيذ عمليات العدالة الانتقالية المنصوص عليها في اتّفاق جوبا. هذا ووضعَ الفريق آنف الذّكر مسودّاتٍ متتاليّة لتحديدِ سياسةِ عدالة انتقالية وطنية تنصّ على توليفةٍ من تدابير العدالة الانتقالية آيلة إلى تحقيق المُحاسبة عن الجرائم المُرتكبة إبّان النزاع، وإنصاف الضحايا، وتعزيز المصالحة الوطنية، في نهاية المطاف.

في العام 2019، أي بعدَ مضيّ 10 سنوات على انتهاء محادثات السلام، وافق مجلس الوزراء الأوغندي أخيرًا على السياسة الوطنية للعدالة الانتقالية الّتي طالَ انتظارُها.

وترمي هذه السياسة إلى تحقيقِ أهدافٍ عدّة، منها تيسير عمليات جبر الضّرر وبرامجه، وتعزيز المصالحة وبناء الدولة وسدّ الثغرات الّتي تشوبُ نظام العدالة الرسمي. هذا وتقرُّ السّياسةُ أيضًا بمركزيّةِ آليات العدالة التقليدية في دفعِ المُحاسبة والمصالحة قدًما، وتسعى إلى إكسابِ استخدام هذه الآليات كسُبُلٍ بديلة لإحقاقِ العدالة في مرحلةِ ما بعد النزاع طابعًا رسميًّا.

وأعربت منظمات المجتمع المدني عن قلقها من عملية العدالة الانتقالية المتصوّرة التي تصبّ جُلَّ تركيزها على المنطقة الشماليّة من البلد، وعلى الجرائم المقترفة على أيدي جيش الرب للمقاومة، وتتجاهلُ الادعاءات المُقدّمة ضدَّ الجيش الأوغندي والانتهاكات المرتكبة بحقّ المجتمع المدني والسكّان المدنيين في أماكن أخرى من البلاد.

مَساعِي المُحاسبة ونزع السلاح

سعت أوغندا إلى محاسبة أولئك الذين يتحمّلون المسؤوليّة الأكبر عن أعمال العنف المُرتكبة، وشجّعت، في الوقت عينه، نزعَ أسلحة الجماعات المسلحة على نطاقٍ واسع. وفي إطارِ المساعي إلى تحقيق هذَيْن الهَدَفَيْن، دعت المحكمة الجنائية الدولية إلى ملاحقة الأطراف المسؤولة قضائيًّا ووجهت الاتهامات إلى الجناة المزعومين عبر المحاكم الوطنية.

في العام 2000، أقرّت الحكومة كذلك قانون العفو العام الذي يمنح عفوًا لبعض المتمردين من أجل إنهاء الأعمال العدائية. وينصّ القانون على نوعٍ من الحصانة من المُلاحقة الجنائيّة أُعطِيَت للمقاتلين غير الحكوميين. وحتى الآن، طُبِّقَ القانون على 26 ألف متمرّدٍ، كانَ نصفُهم تقريبًا عناصرَ في جيش الرب للمقاومة.

لم يسْلَم قانون العفو العام من الجدل. فقد فُسِّرَ، تارةً، على أنّه يشمل العفوَ عن الجرائم الدولية، مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية. لكنّ المحكمة العليا ضّيقت في نهاية المطاف، نطاقَ هذا التّفسير، فاستَثْنَت منه الجرائم الدولية، وذلكَ حينَ أصدرت، في العام 2015، حكمها الّذي قَضَى بعدمِ أهليّة القائد السابق لجيش الرب للمقاومة، توماس كوويلو، لنيل عفوٍ عن جرائمه. وقد سمح القرار بملاحقة كوويلو أمام دائرة الجرائم الدولية في المحكمة الأوغندية العليا التي أُنشِئَت للنظر في القضايا المتعلقة بالجرائم الدولية التي ارتكبها كلا طرفي النزاع. ولا تزال محاكمة كوويلو مستمرة حتّى اليوم.

لم تقتصر مساعي الحكومة الأوغنديّة على الملاحقات القضائية المحليّة في شأنِ الجرائم الدولية، بل شاركَت أيضًا المحكمة الجنائية الدولية في محاسبة الجناة. ففي العام 2003، أحالت الحكومة الأوغندية الوضع في الشمال إلى المحكمة في لاهاي، وفي العام 2005، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر توقيفٍ بحقّ خمسة من كبار قادة جيش الرب للمقاومة، وهم: جوزيف كوني وفنسنت أوتي وراسكا لوكويا وأوكوت أوديامبو ودومينيك أونجوين. وفي العام 2015، استسلم دومينيك أونجوين للقوات الأمريكية الخاصّة ثمّ نُقل إلى المحكمة الجنائية الدولية، فَمَثَل أمامها بتهمةِ ارتكاب 70 جريمة ضد الإنسانية وجريمةِ حربٍ، بما في ذلك الاسترقاق الجنسي والزّواج القسري. وفي 4 شباط/ فبراير من العام 2021، ثبَتَت إدانته في 61 تهمة من مجموع التّهم المُوجّهة إليه. وقد تمّ تأكيد خبر وفاة كلٍّ من لوكويا وأوديامبو، أمّا كوني وأوتي فَما زالا حُرّيْنِ طَلِيقَيْن.

سلّطت قضية أونجوين الضوء على الكثير من التعقيدات المرتبطة بالسعي إلى تحقيق العدالة في أوغندا، فَأونجوين نفسه كان قد جُنِّدَ صغيرًا في جيش الرب للمقاومة، ثمّ تدرّجَ في صفوفهِ حينَ كان قيدَ الأسر. ويُعتبرُ أونجوين أوّلَ متّهم يتعرّض للمحاكمةِ في المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم كان قد وقعَ ضحيتها أيضًا. وهو أوّل من مثلَ أمام محكمةٍ دوليّة في قضيّةٍ تعترفُ بالزواج القسري جريمةً قائمةً بحد ذاتها، ومنفصلةً عن الاسترقاق الجنسي وغيره من الانتهاكات الجنسية.

دور المركز الدولي للعدالة الانتقالية

منذ العام 2005، عمل المركز الدولي للعدالة الانتقالية على دعم جهود أوغندا في سبيلِ بناء سلامٍ مستقرٍّ، وذلكَ من خلال التّأكيد على كرامة ضحايا النزاع ولا سيما النساء والشباب. وأسدَى المركز أيضًا المشورة الفنية للجهود الجارية والآيلة إلى محاسبة الجناة.

بعد توقيع اتفاق جوبا، عملَ المركز الدولي للعدالة الانتقالية في أوغندا من أجلِ دعم تصميم وتنفيذ عمليات العدالة الانتقالية التي تتمحور حول الضحية وتكافح الإفلات من العقاب عن انتهاكات حقوق الإنسان وتسعَى إلى إجلاء الحقيقة وأداء جبر الضّرر للضحايا وبناء مؤسسات جديرة بالثقة. وقد ساهم المركز الدولي للعدالة الانتقالية بشكلٍ كبير في تحسينِ قدرات المجتمع المدني ومجموعات الضحايا والإعلاميين وواضعي السياسات وفي توسيعِ معارفهم وصقل مهاراتهم كي يتمكّنوا من تحديد مفهومِ عمليات العدالة الانتقالية والتأثير فيها ومراقبتها ودعمها والمشاركة فيها على حدّ سواء.

وقد ضمّت مُقاربتُنا الجمعَ بين مسؤولي الحكومة المحليّة وقادة المجتمع والفاعلينَ في مجال التنمية من جهة، والضحايا من جهةٍ أخرى، وذلكَ بغيةَ سدّ الفجوة بين مَن يتعرّضُون للوصمِ بسبب الانتهاكات المُرتكبة بحقّهم، ومَن يتحمّلون مسؤولية إحقاقِ العدالة وتوفير الاعتراف والإنصاف. وقد تجلّت ثمارُ جهودنا حتّى الآن في الالتزامات المتنوعة الرّامية إلى توفير وصول الأطفالِ، موالِيد الحربِ، إلى الخدمات الاجتماعية والتعليم والوثائق المدنية. وفي هذا الصّدد، استطعنا التأقلمَ مع سياقٍ محفوفٍ بالتّحديات في أوغندا، وذلكَ من خلال تحديد مسارات بديلة من شأنها تلبية احتياجات الضحايا والاستفادة من الفرص السّانحة والتوعية على تجارب الضحايا.

تتضمّنُ التدخلات والنتائج الأخيرة المحدّدة ما يلي:

  •    صقل قدرات الضحايا والمجتمع المدني. قدّم المركز الدولي للعدالة الانتقالية المساعدة التقنية وبناء القدرات لمنظمات المجتمع المدني ومجموعات الضحايا في أوغندا. وكانت نتيجةُ هذه التدخلات أن تمكّنت مجموعات المجتمع المدني المختلفة من المشاركة في مختلف قضايا العدالة الانتقالية والتحرّك لصالحها والمساهمة في وضعِ عمليّة العدالة الانتقالية. ويعمل المركز الدولي للعدالة الانتقالية مع منظمات الضحايا من أجلِ بناء قدرتها على الدفاع عن العدالة، وإيجادِ منصاتٍ للضحايا تخوّلهم التفاعل مع الفاعلينَ في الدولة والتعبير لهم عن مخاوفهم.
  •    تمكين مجموعات الناجيات من العنف. لقد ساعدنا في تعزيز قدرة مجموعات الناجيات على التعبير عن مطالبهنّ والتفاعل مع مُتّخذِي القرارات. فَعلى المستوى المحلي، واصلنَا إرشادَ هذه المجموعات، حتّى تحسّنَت مهاراتها في الدفاع وتمكّنت من انتزاعِ الفرص من أجلِ تلبيةِ احتياجات الضحايا. وتجلّت نتيجةُ عملنا هذا في حضورِ الكثير من الناجيات الآن اجتماعات التخطيط والموازنة المعنيّة بمناطقهنّ وذلكَ بغيةَ ضمان الأخذ بأولويات الضحايا. وقد أثمرَت الحواراتُ رفيعةُ المستوى إنشاءَ كُلٍّ من المنتدى مجلس النّواب الشمالي الأكبر والمنتدى مجلس النّواب للأطفال اللّذين وعدَا بمعالجة التحديات المحددة، على غرارِ التحدّيات التي يواجهها مواليدُ الحربِ في الاستحصال على وثائق الولادة من مجلس النواب. وقد أتت هذه الجهود أُكلها، فقد شهدنا جهاتٍ فاعلة غير تقليدية في مجال العدالة الانتقالية، ومنها الهيئة الوطنية لإصدار الهوية والتسجيل، تتعهّدُ بمساعدة مواليد الحرب في الحصول على السّجل المدني وبمعالجة بعض التحديات التي يواجهونها.
  •    دعم قسم الجرائم الدولية. تأسّس قسم الجرائم الدولية في المحكمة العليا في أوغندا في العام 2008 وذلكَ بُغيةَ التحقيق والمقاضاة في شأنِ الجرائم الدولية والعابرة للوطن، ومنها، على سبيل المثال، الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية والإرهاب والقرصنة والإتجار بالبشر. وقدّم المركز الدولي للعدالة الانتقالية التدريب والتبادل القضائي، إضافة إلى إسداءِ خبرائهِ المشورة في شأن مجموعة من القضايا، بما في ذلك العفو العام وحماية الشهود ومشاركة الضحايا والتوعية العامة. ومؤخّرًا، أسدَى المركز الدولي للعدالة الانتقالية المشورة الفنيّة، كونه عضوًا في فريقِ عملٍ خاص شكّله كُلٌّ من قسم الجرائم الدولية ومنظمة محامون بلا حدود، من أجلِ إرساء القواعد الإجرائيّة وقواعد الإثبات الخاصّة بقسم الجرائم الدّولية. وقد أعدّ المركز الدّولي للعدالة الانتقاليّة، بالتعاون مع منظمة محامون بلا حدود، كتابًا قضائيًّا حول الممارسة والإجراءات المتعلّقة بإصدار حكمٍ في الجرائم الدّولية في المحاكم المحليّة. وسيدعمُ الكتاب إجراءَ التّحقيق المُجدِي في الجرائم الدّولية.

يواصل المركز الدولي للعدالة الانتقالية سَعْيَه إلى سدّ الفجوة القائمة بين الضحايا من جهة وإجراءات المحكمة في قسم الجرائم الدولية في أوغندا والمحكمة الجنائية الدّولية من جهةٍ أخرى، وذلكَ من خلال التوعية وإنشاء منصاتٍ مختلفة مكرّسة للحوار والتبادل، وتأليفِ الموارد الرّامية إلى تحسين فعالية إجراءات قسم الجرائم الدولية. وقد أدّت هذه المبادرات إلى تحسين الوعي في شأن العلاقة القائمة بين المحكمة الجنائية الدولية وقسم الجرائم الدولية، وساهمت أيضًا في تعزيز الشعور بالتضامن بين الضحايا في القضايا. بالإضافة إلى ذلك، حدّد المشاركون في هذه المُبادرات، الاستراتيجيات الّتي من شأنها أن تجعلَ المحكمتين على قدرِ توقّعات الضحايا.

  •    مساعدة مواليدُ الحربِ وأمهاتهم. في العام 2015، أجرى المركز الدولي للعدالة الانتقالية تقييمًا لحالة أبناءِ النّساء اللّواتي خطفهنَّ جيش الرب للمقاومة وأجبرهنَّ، في كثيرٍ من الأحيان، على الزواج من قادة جيش الرب للمقاومة. فَحين تقدرُ هؤلاء النساء وأطفالهنّ على العودة من الأسر، غالبًا ما يُواجهنَ وصمة العار الاجتماعية والنّبذَ وتدنّي فرص حصولهنّ على التعليم والرعاية الصحية والخدمات الأخرى. وقد حدّد تقييم المركز الدولي للعدالة الانتقالية احتياجاتِ هؤلاء السّكان المهمّشين من جبر الضّرر، واقترحَ على الحكومات الوطنيّة والمحليّة طرائقَ عمليّة بغية اتّخاذ خطواتٍ من شأنها معالجة الانتهاكات. ويواصل المركز الدولي للعدالة الانتقالية العمل مع منظمات الضحايا المكرّسة لالتماسِ العدالة لصالحِ هذه الفئة من السّكان. وقد أنتج المركز فيلمًا، عنوانُه "لستُ ما يعتقدونَنِي"، نظرَ مليًّا في التحديات الفريدة التي تواجه النساء وأطفالهنّ. وكانَ من شأنِ عملنا السابق والمستمر، جنبًا إلى جنبٍ مع الناشطِينَ في شمال أوغندا، من أجلِ المؤازرةِ في القضاءِ على وصمِ الأطفال المولودين نتيجةَ الاغتصاب في زمن الحرب وأمهاتهم أيضًا، أن أحدثَ تحوّلًا جذريًّا في المواقف ضمن المجتمعات وفي التّعهدات بالدعم الّتي قطعها المانحون الدوليّون.
  • إسداء المشورة لمشروع توثيق حقوق الإنسان. في العام 2015، أطلقت لجنة حقوق الإنسان الأوغندية مشروع توثيق حقوق الإنسان الّذي يُعدّ أوّل عمليّة رسميّة تقومُ بها الدولة من أجلِ تسجيل الانتهاكات المرتكبة بين العامَيْن 1986 و2007. وتجدرُ الإشارة إلى أنّ المركز الدولي للعدالة الانتقالية عضوٌ في اللّجنة الاستشاريّة لـمشروع توثيق حقوق الإنسان، فيُقدّم المؤازرة التقنية والمساعدة في بناء القدرات للفريق الفنيّ التابع للجنة حقوق الإنسان الأوغندية ومشروع توثيق حقوق الإنسان، وذلكَ من أجل ضمان أن يعكس المشروع أولويات الضحايا وأن يشارك الضّحايا فيه مُشاركةً مُجدية.
  • وضع سياسة عدالة انتقالية وطنيّة. قدّم المركز الدولي للعدالة الانتقالية مساعدة تقنية مكثّفة لقطاعِ العدالة والقانون والنظام العامّ، وذلكَ بغيةَ دعم صياغة إطار سياسةٍ خاصّ بالعدالة الانتقالية الوطنية الّتي يجدرُ بها أن تكونَ مُجدية ومتكاملة ومتمحورة حول الضحايا. وبعد أن حظِيَت هذه السياسة بالموافقة، واصلَ المركز الدولي للعدالة الانتقالية دعم الجهود المبذولة والآيلة إلى تنفيذها، بما في ذلك سنّ التشريعات الّتي من شأنها أن تنصّ على وضعِ تدابير العدالة الانتقالية، ومنها برنامج جبر الضّرر.
  •    تعزيز التنمية في المجتمعات المحلية. يعملُ المركز الدولي للعدالة الانتقالية مع الحكومات المحليّة ويدعمها في تصميمها وتنفيذها برامج التنمية المحليّة التي تلبّي الاحتياجات الطّارئة للضحايا المتأثرين بانتهاكات حقوق الإنسان النّاجمة من النّزاع ريثما يحينُ وضع برنامج جبر الضّرر موضعَ التّنفيذ. وقد كان من شأنِ تدخلات المركز الدولي للعدالة الانتقالية أن ساهَمت في تحسين السُّبُل الّتي تستهدفُ الحكومات المحليّة عبرها الفئات الضعيفة وتُولِيها الأولويّة القُصوَى، وهو الأمر الذي عادَ بالمنفعةِ على مجموعات الضحايا.
  •    توسيع نطاق العدالة الانتقالية. تشيعُ النّظرَةُ إلى العدالة الانتقالية على أنّها عمليةٌ تنحصرُ بشمالِ أوغندا وتتجاهل تاريخ النزاع في جميع أنحاء البلاد الأخرى. لذا، أخذَ المركز الدولي للعدالة الانتقالية على عاتقه توسيع نطاق جهود العدالة الانتقالية لتشمل منطقة روينزوري التي أُقصِيَت من الكثير من المبادرات المُماثلة. فعلى الرّغم من أنّ منطقة روينزوري قد شهدت دوراتٍ متعددةً من النزاع العنيف منذ استقلال أوغندا، لم يُبذل أي جهدٍ في سبيلِ معالجة انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بالنزاع أو أسبابهِ الجذرية في المنطقة. ونظرًا إلى أنّ دورات العنف هذه في روينزوري وتأثيراتها قلّما يُكتبُ عنها، أجرى المركز الدولي للعدالة الانتقالية تقييمًا حول هذا الموضوع، فخطَى، بذلكَ، الخطوةَ الأولَى نحو كشف الحقيقة وإحقاق العدالة وتحقيق المحاسبة لصالح ضحايا المنطقة.
  •    إجراء البحوث. أجرى المركز الدولي للعدالة الانتقالية دراساتٍ حول مجموعة من المواضيع، بما فيها جبر الضّرر والعدالة بين الجنسين والبحث عن الحقيقة ومبدأ التكامل والروابط القائمة بين التنمية وجبر الضّرر. وترمي هذه الدراسات إلى مدِّ عمليةِ وضعِ السياسات على المستوى الوطني بالمعلوماتِ النَّيِّرَة، ذلك أنّها تُستمدُّ من التجارب المقارنة في السياقات الأخرى، ومن وجهات نظر الضحايا وأولوياتهم في مسألتَيْ البحث عن الحقيقة وجبر الضّرر على حدّ سواء.