المغرب

طُبع تاريخ المغرب منذ الإستقلال في العام 1956 بالقمع وتفشّي انتهاكات حقوق الإنسان. ومنذ 2003، عمل المركز الدولي للعدالة الانتقالية في المغرب مع المسؤولين ومنظّمات المجتمع المدني على معالجة إرث هذه الانتهاكات باعتماد عملية العدالة الإنتقالية.

الصورة
صورة لمظاهرة قادها أقارب ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في المغرب للمطالبة بجبر الضرر.

أقارب ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان يتظاهرون للمطالبة بجبر الضرر. (رويترز / رافائيل مارشانت)

سابقاً

الخلفية: عملية تدريجية

بعد استقلال المغرب عام 1956، قامت السلطات باعتقال آلاف المواطنين تعسّفاً وبتعذيبهم أو "بإخفائهم" وذلك طوال سنوات عديدة. كما ردت بعنف على الاحتجاجات والإضرابات، ما أدّى إلى وقوع عشرات القتلى من المدنيين.

في العام 1990، واستجابة للنقد الداخلي والدولي المتزايدين، أسّس الملك حسن الثاني المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان. وجرّاء ذلك، تمّ إطلاق سراح المئات من المعارضين السياسيين.

في العام 1998، أوصى المجلس بأن يقوم الملك بتأسيس هيئة رسمية للتعويض على ضحايا الإنتهاكات الماضية. وصادق الملك حسن على الاقتراح قبل أسبوعين على وفاته في العام 1999.

وعيّن الملك محمد السادس، إبن الملك حسن وخَلفه، لجنة التحكيم المستقلة في السنة نفسها من أجل التعويض على ضحايا التوقيف التعسّفي والإختفاء القسري.

هيئة الإنصاف والمصالحة

إستجابة للطلب المتزايد من المجتمع المدني ومنظّمات الضحايا – الذين لم يكونوا راضين على التدابير السابقة – أنشأ الملك محمد هيئة الإنصاف والمصالحة في العام 2004. وشملت ولاية الهيئة الوصول إلى الحقيقة بشأن الإنتهاكات الماضية وتوفير التعويضات للضحايا والأسر والتوصية بتدابير لمنع الإنتهاكات المستقبلية.

ونظرت الهيئة في أكثر من 22,000 طلب، وأجرت تحقيقات، ونظّمت جلسات استماع علنية في مختلف أنحاء المغرب تخلّلتها شهادات الضحايا – وهو حدث لم يسبق له مثيل في المنطقة. وقدّمت الهيئة تقريرها النهائي إلى الملك في كانون الأول/ديسمبر من العام 2005. وبعد ذلك بفترة قصيرة، صادق الملك محمد على نشر التقرير وطلب إلى المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان العمل على تنفيذ توصيات اللجنة.

أمّا في ما يتعلّق بالعام 2011، فما زال ثمّة عمل مهم لا بدّ من إنجازه. وما زالت برامج التعويضات الجماعية في مرحلتها الأولية. ويبقى عدد من حالات الإختفاء من دون حلّ. كما لا تزال توصيات الإصلاح القانوني والمؤسسي لهيئة الإنصاف والمصالحة في بدايتها.

دور المركز الدولي للعدالة الانتقالية

عمل المركز عن كثب مع هيئة الإنصاف والمصالحة ومنظّمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام خلال مختلف مراحل العملية وقدّم المساعدة في مجالات متعدّدة، مثل التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان وتطوير بروتوكولات لجلسات الإستماع العلنية وتصميم برامج جبر الضرر/ التعويض وتطوير استراتيجيات التواصل مع الجمهور ووسائل الإعلام.

ويعمل المركز حالياً على تقييم تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة ومساعدة المغاربة في جهودهم من أجل تطبيق توصياتها:

  • البحث عن الحقيقة: : يشرف المركز على متابعة التحقيقات في مصير المفقودين ويصدر التوصيات حول كيفية إكمال هذه العملية في ما يتّفق مع المعايير الدولية.
  • إصلاح القطاع الأمني: نظّم المركز وشركاؤه مجموعة من ورشات العمل وأنشطة بناء القدرات والبعثات الإستشارية، مع المسؤولين المحليين ومنظّمات المجتمع المدني حول تجارب مقارنة في هذا المجال، لتيسير الحوار حول كيفية تنفيذ توصيات الهيئة من ناحية إصلاح القطاع الأمني.
  • مكافحة الإفلات من العقاب: بالشراكة مع المنظّمة المغربية لحقوق الإنسان ومؤسسة فريدريش إيبيرت، أطلق المركز مشروعاً لدعم تنفيذ توصية الهيئة التي تدعو إلى "اعتماد استراتيجية وطنية لمكافحة الإفلات من العقاب". ويتضمّن ذلك رصد المجالات التي لا يزال الإفلات من العقاب فيها سائداً، وتدريب المطالبين بتعزيز آليات المحاسبة والتشريع ونصحهم.
  • تخليد الذكرى: يعمل المركز بمعيّة التحالف الدولي لمواقع الوعي على تحليل جهود تخليد الذكرى في المغرب واقتراح الحلول على أساس التجارب في الدول الأخرى ذات الصلة.
  • التعلّم من المغرب: ويكمن الهدف في استخلاص العبر الرئيسية التي يمكن أن تُستخدم ضمن العملية الجارية في المغرب وفي أماكن أخرى. وتضمّنت هذه المشاريع ندوة دولية في العام 2009 حول تجربة التعويضات الجماعية وتقييماً جارياً لبُعد النوع الإجتماعي في عمل الهيئة.