منذ العام 2003، تمارس منظمات المجتمع المدني في الأرجنتين ضغوطًا قويّة من أجل محاسبة المجرمين على إنتهاكات حقوق الإنسان التي أُرتكبت خلال الحكم العسكري – والتي أدّت في النهاية إلى موجة جديدة من محاكمات شملت كبار الضبّاط. يقدّم المركز الدولي للعدالة الإنتقالية النصح والدعم إلى منظمّات المجتمع المدني والمدّعين العامّين ووسائل الإعلام في ما يتعلّق بجهود المحاسبة هذه.
من العام 1976 إلى العام 1983، نجم عن سلسلة من الإنقلابات العسكرية إختفاء أكثر من 30,000 شخص في حملة إرهاب وتعذيب وإختطاف. ومنذ سقوط الحكم العسكري الأخير في العام 1983، ناضلت الأرجنتين طويلًا وبقوّة لمواجهة هذه الإنتهاكات وتعزيز سيادة القانون.
لقد لعب البحث عن الحقيقة والملاحقات القضائية وجبر الضرر دورًا حيويًّا. وفي العام 1983، تأسّست اللجنة الوطنية حول الإختفاء إثر صدور مرسوم رئاسي بهذا الصدد، وأصبحت النسخة المختصرة لتقرير اللجنة حول إنتهاكات حقوق الإنسان خلال الحكم الديكتاتوري العسكري "أبدًا ثانيةً" Nunca Más (Never Again) أفضل كتاب مبيعات في الأرجنتين.
في العام 1985، جرت بنجاح ملاحقة قضائية لتسعة أعضاء سابقين من الطغمة العسكرية في محكمة تاريخية أدّت إلى إدانة الرئيسَين السابقَين، جورج رفائيل فيدلا وروبرتو إدواردو فيولا، والأدميرالَين إميليو إدواردو ماسييرا وأرماندو لامبروشيني، والعميد في الجيش أورلندو رامون أغوستي.
على ضوء ذلك، اعترضت الرتب العسكرية الأدنى على الملاحقات القضائية لها، ما دفع حكومة ألفونسن إلى إصدار قرار بإغلاق جميع ملفّات المحاسبة الجنائية من خلال سنّ قوانين تحدّ من مسؤولية الجنود القانونية ، والإطار الزمني الذي لا بدّ أن تُرفع فيه المحاكمات الجنائية. وبعد عدّة سنوات، وجد المجتمع المدني أنّ العمل الجيد الذي نتج عن الملاحقات القضائية السابقة قد جرى تقويضه بقرار الرئيس منعم بالعفو عن أعضاء الطغمة العسكرية المحكوم عليهم.
على الرغم من تلك النكسات، واصلت حركة حقوق الإنسان الأرجنتينية وعائلات المختفيين ضغوطها للمحاسبة. وفي العام 2003، حكمت المحكمة العليا في الأرجنتين بعدم دستورية القوانين التي تحمي الشخصيات العسكرية من الملاحقة القضائية.
أمّا اليوم فتعبّر السلطات الأرجنتينية بقوّة عن دعمها لملاحقة الجرائم السابقة قضائيًّا. ومنذ العام 2010، رُفعت دعاوى جنائية ضدّ 800 متّهم، وصدرت أحكام بحقّ 200 متّهم.
وتشمل الملاحقات القضائية الحالية قادة بارزين ومرتكبي جرائم مسؤولين مباشرةً عنها ومدنيين ساهموا فيها—من ضمنهم كهنة وقضاة ووزراء سابقون.
علاوة على ذلك، رفعت مجموعات حقوق الإنسان آلاف العرائض للحصول على جبر الضرر، منحه الكونغرس في مطلع التسعينيات. وعلى الرغم من أنّ سياسة جبر الضرر كانت محلّ انتقاد من حيث استعمالها كأداة سياسية للإفلات من العقاب، إلّا أنّها شكّلت برنامجًا هامًّا ساعد في تعزيز فكرة مسؤولية الدولة، وقدّمت الكثير من الدروس للعدالة الإصلاحية في جميع أنحاء العالم.
يعمل المركز مع المجتمع المدني المحلي وفاعلين في الدولة لتسهيل الملاحقات القضائية وتحديد الجرائم القائمة على النوع الإجتماعي، وتوثيق تجارب الأرجنتين مع العدالة الإنتقالية.
يتضمن عملنا في الأرجنتين، بالشراكة مع مركز الدراسات القانونية والإجتماعية-CELS: