1 / 7

دراسة حالات

كينيا

الخلفية التاريخية

Case Studies - Kenya - Timeline

دراسات الحالة - كينيا - الجدول الزمني

من العام 2007 حتّى أوائل العام 2008، اختبر شعب كينيا فترة من أعمال العنف الشديدة التي تلت الانتخابات ونتجت عن النزاعات المتواصلة في أرجاء البلاد، علمًا أنّها كانت قد نشبت في المقام الأول عند استقلال كينيا (12 كانون الأول/ ديسمبر من العام 1963).

وقد اشتدّت المخاطر حين انطلقت أخيرًا محادثات السلام في إطار الحوار الوطني الذي عُقِدَ في أواخر كانون الثاني/ يناير من العام 2008. وكادَ اندلاع أعمال العنف المتكرر أن يتفاقم ويجرّ البلاد إلى حرب أهلية.

وفي الأوّل من شباط/ فبراير من العام 2008، وُقِّعَ  جدول الأعمال المشروح والجدول الزمني (جدول الأعمال) الذي حدّدَ الخطوات الرامية إلى إيجاد حلّ للأزمة السياسية ومعالجة الأسباب الجذرية المولّدة للنزاع العنيف. وشمل إطار العمل الخاص بإرساء السلام الحقوق الاقتصادية والسياسية والمدنية. أمّا أولوية الحوار الوطني فكمنت في إرساء السلام الفوري، على أن يتبعه إصلاح شامل.

في 14 شباط/ فبراير من العام 2008، تعهّدت الأطراف المشاركة في الحوار الوطني تشكيلَ لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة على اعتبارها آلية إصلاح وانتقال. وأُطلقَ على الاتفاقية ذات الصلة عنوان "البند الثالث من جدول الأعمال: كيفية تسوية الأزمة السياسية".

وتمّ الاتفاق على أن تُنشأ لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة بموجب قانون صادر عن مجلس النواب، على أن يقومَ هذا القانون مقامَ ولاية اللجنة. واتفق الأفرقاء المشاركون في محادثات السلام على مهلةِ سنتَين وعلى أن يفصلَ بين رفع التقرير النهائي إلى رئيس الجمهورية ونشره على نطاقٍ واسعٍ مدّة 14 يومًا كحدّ أقصى.

 

2 / 7

دراسة حالات

كينيا

الخلفية التاريخية

 

أمّا قانون الحقيقة والعدالة والمصالحة، بوصفه ولاية اللجنة الشرعيّة والقانونية ، فقد اتّخذ طابعًا رسميًا بعدَ إقراره في العام 2008. وحدّدَ القانون إطار العمل التشريعي الشامل الخاص باللجنة ونفّذ أحكام الاتفاقية الموقعة أثناء إقامة الحوار الوطني.

وفي آب/ أغسطس من العام 2009، رفعَ المدافعون عن حقوق الإنسان ومجموعات الضحايا دعوى قضائية أمام محكمة كينيا العليا، وقد سعوا في ذلك إلى حلّ اللجنة. وأعلنت الشبكة الكينية للعدالة الانتقالية، وهي شبكة من منظمات المجتمع المدني، عن انسحابها من اللجنة واتهمت علانيّة السفير بتوئيل كيبلاغات، رئيس لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة، بكونه السبب الرئيس الذي أدى إلى اتخاذها قرار الانسحاب.

وفي شباط/ فبراير من العام 2010، ترأس رئيس الأساقفة ديزموند توتو مجموعة من الأعضاء السابقين في لجنة الحقيقة التي دعت كيبلاغات إلى الاستقالة. وقبلَ أن تقدّم نائب الرئيس مورونغي استقالتها، طالبت كيبلاغات بالاستقالة. لم تلقَ هذه المناصب آذان صاغية، وبقيَ كيبلاغات يشغر منصبه.

في نيسان/ أبريل من العام 2010، رفعَ ثمانية أعضاء عريضة إلى رئيس المحكمة العليا، طلبوا فيها تشكيل محكمة للتحقيق في وجوب إزاحة كيبلاغات من منصبه. ولم تُبصر هذه المحكمة إلّا في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2010.

ثمّ أعلن كيبلاغات تنحّيه عن منصبه في اللجنة ومثل أمام القضاء بغية الطعن في اختصاص المحكمة. وبالفعل، توقفت المُحاكمة في انتظار صدور قرار في شأن مسألة اختصاص المحكمة. وخلال هذا الوقت، انتهت ولاية المحكمة الممتدة على ستّة أشهر؛ فأوقفت أنشطاتها من دون التوصّل إلى قرار رسمي، ورفض رئيس المحكمة العليا التمديد لها.

وفي نيسان/ أبريل من العام 2012، استعاد كيبلاغات منصبه السابق كرئيس اللجنة.

 

3 / 7

لجنة الحقيقة:

لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة في كينيا

Voices of Dignity

HYBRID COMMISSION COMPOSED OF:

6 NATIONALS AND 3 INTERNATIONALS

OPERATIONS LASTED:

ALMOST 4 YEARS

STATEMENTS RECORDED:

42,465

MEMORANDA RECEIVED:

1,529

HEARINGS HELD IN:

ALL REGIONS

TESTIMONY GIVEN BY:

MORE THAN 680 INDIVIDUALS

SPECIAL HEARINGS HELD FOR:

WOMEN
 

ولاية لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة

نصّت ولاية لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة على مكونات اللجنة الثلاثة:

1. تقصّي الحقائق: أوكلت إلى اللجنة مهمة إنشاء سجل تاريخي كامل ودقيق يعدّدُ انتهاكات الحقوق والتجاوزات المرتكبة بين العامَين 1963 و2008. وكان التحقيق يرمي إلى معالجة أسباب هذه الانتهاكات، بما في ذلك السياقات التاريخية، ووجهات نظر الضحايا والجناة. وتجسّدت النتيجة المرجوة في ابتكار منصة للإفصاح عن الحقيقة أمام العامّة وبالتالي تقديم تقرير مُلائمٍ في نهاية المطاف.

2. المصالحة: وجبَ على اللجنة تشكيلَ منتدى خاصٍ بالضحايا "ليكون صوتهم مسموعًا وليستعيدوا كرامتهم"، ومنتدى آخر خاص بالجناة "ليعترفوا بأفعالهم على عتبار ذلك وسيلة لتحقيق المصالحة". كما ووجبَ على اللجنة رفع توصيات حول التدابير التصالحية إلى السلطات الكينية، بالإضافة إلى تسهيل منح العفو العام للجناة الذين يفصحون بكلّ ما في حوزتهم.

3. العدالة: حُدّدت جوانب العدالة الخاص باللجنة في الأمور التي تتعلّق بسلطتها على تقديم التوصيات وحسب. فوجبَ على لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة تحديد "الطرق والوسائل الخاصة بالتعويض على ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان" والتوصية بالمعايير لـ"محاكمة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان".

تعيينات أعضاء اللجنة

تضمّ لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة تسعة أعضاء: ثلاثة منهم من غير المواطنين يختارهم فريق الشخصيات الأفريقية البارزة، وستّة أعضاء آخرين يتم اختيارهم وفقًا لعملية من أربع خطوات:

Selection Process for Kenya's Truth, Justice and Reconciliation Commission

عملية اختيار لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة في كينيا

عيّن الرئيس كيبلاغات في منصب رئيس اللجنة. لكن سرعان ما لاقى تضارب مصالح كيبلاغات معارضة شديدة من العامة. وكانت التهم الموجهة إليه جدّية، إذ شملت احتمال تورطه في قتل الدكتور روبرت أوكو، والتخطيط لمذبحة والاغا في العام 1984، والانخراط في صفقات بيع أراضٍ غير مشروعة أو غير نظامية.

 

4 / 7

التحديات

 

الولاية واسعة النطاق

في الواقع، فرض قانون العدالة والمصالحة تحديات لو واجهت أي هيئة تحقيق لاعتبرتها عصيبة. ومُنِحت اللجنة ولاية واسعة النطاق بشكل قلّ نظيره، فامتدّت على 45 سنة، وشملت قائمة انتهاكات متنوعة، تشمل الجرائم ضدّ الإنسانية، والإبادة الجماعية، والإخفاء القسري، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وحتّى صفقات بيع الأراضي غير المشروعة.

وتخطّت ولاية اللجنة انتهاكات القانون الإنساني، إذ وجب عليها أيضًا معالجة الجرائم الاقتصادية الكبرى، ولا سيما "الفساد الكبير، والمظالم التاريخية المتعلقة بالأراضي، أو حيازة الأراضي بطريقة غير مشروعة"، حسبما نصّت عليه الاتفاقية. وقدّم قانون الحقيقة والعدالة والمصالحة تعريفات لمعظم انتهاكات حقوق الإنسان المدرجة في ولاية اللجنة، ولكنّه لم يحدّد المصطلحات المرتبطة بالجرائم الاقتصادية.

الجدال

أخذ الجدال منحى آخر وصرف انتباه اللجنة وطاقاتها عن تنفيذ ولايتها الأساسية.

تقرير لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة النهائي

في الواقع، غرقت لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة في الجدالات والدعاوى منذ البداية تقريبًا. وتمحورت الصعوبات العامة التي واجهتها حول مصداقية رئيسها كيبلاغات وجدارته.

ووجب اجتزاء بعض من أنشطة التوعية والتثقيف في مجال الحقوق المدنية الخاصة باللجنة أو إيقافها في مُقابل تصاعد الاحتجاجات ضدّ كيبلاغات. وتردّد الضحايا وعائلاتهم بالانضمام إلى اللجنة. فتضاءلت شرعية اللجنة وقدرتها على كسب التأييد نتيجةَ هذا الجدال.

 

5 / 7

التحديات

 

المشقة المالية

لم تكفِ الأموال التي خصصها مجلس النواب ولا المنح، ولا الهبات، ولا التبرعات لتلبية احتياجات اللجنة التشغيلية. وبسبب نقص التمويل، زاولت اللجنة أعمالها من دون أمانة سرّ خلال سنتها المالية الأولى، وتولّت وزارة العدل الكينية إدارتها حتّى تموز/ يوليو من العام 2010. وفي السنة المالية الثانية، قبضت اللجنة مجدّدًا نصف الميزانية المخصّصة لها وحسب. وبالتالي، تمّ تأجيل تعيين الموظفين مرّة بعد ولم تراعَ العمليات الأساسية المرتبطة بالولاية. فكان الوضع المالي مترديًا إلى درجة أن اضطرت اللجنة في بعض الأحيان إلى الحصول على قروض من أعضائها أنفسهم.

وأضعف العجز المالي استقلالية اللجنة ونجم عنه معوقات تشغيلية متعدّدة. وفي الواقع، تطرّق الحوار الوطني إلى مسألة الحاجة المستمرة إلى إيجاد مصادر تمويلية مستقلة بغية الحفاظ على مصداقية اللجنة وكفاءتها، غير أنّ أطراف المحادثات لم تتوصل إلى اتفاق في شأن كيفية تصميم لجنة بتمويل مُماثل.

انعدام الإرادة السياسية

اعتبرت لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة في تقريرها النهائي إلى أنّ مستوى الإرادة السياسية المطلوب لدعمها غير متوفر بتاتًا. ويذكر التقرير أنّ الفساد، وتراكم الثروات، والرغبة في تولّي السلطة هي الدوافع الرئيسة التي أدّت بالجهات السياسية الفاعلة إلى أن تتلافى تنفيذ الإصلاحات.

وبحسب ما وردَ في التقرير، فإنّ غياب التعاون الحكومي أرخى بظلاله على كلّ من "عمليات" اللجنة و"التصور العام لعملها".

وقُوبِلَ التقرير بمٌعارضةٍ سياسية شرسة واعترضته تحديات قانونية وضعتها في طريقه القطاعات التي أغضبها ضمّ اللجنة القادة السياسيين القدامى المشاركين في الجرائم الاقتصادية. وناقش مجلس نواب كينيا ماهية "نظر" اللجنة في التقرير وحدّدَ المؤسسات التي يجب عليها تنفيذ توصياتها. هذا ويؤدي المجتمع المدني الكيني والمجتمع الدولي دورًا مهمًّا في مُرقبة التوصيات والإشراف عليها حتّى تنفيذها.

6 / 7

الإنجازات

 

بغية تلبية توقعات ولايتها الطامحة ضمن الإطار الزمني المحدود، ضيقت اللجنة نطاق التحقيقات. وأعطيت الأولوية للانتهاكات في سبعة سياقات محدّدة:

  • حرب الشفتة (1965-1967)
  • العمليات الأمنية في المنطقة الشمالية الشرقية، والمنطقة الشرقية العليا، ومنطقة الوادي المتصدع الشمالي (1963-2008)
  • محاولة الانقلاب (1982)
  • حملة القمع ضدّ نشطاء الأحزاب المتعدّدة والنشطاء المؤيدين للديمقراطية (1986-1991)
  • الاشتباكات ذات الخلفيات الإثنيّة والسياسية (1991/1992-1997)
  • أنشطة الميليشيات وحملات قمعها (2006-2007)
  • أعمال العنف عقب الانتخابات (2007-2009)
 

بالتالي، وبالرغم من العقبات المتعدّدة وبعض مكامن الضعف، تمكّنت اللجنة من إعداد تقرير نهائي يستجيب بشكل كبير إلى العناصر الأساسية المرتبطة بولايتها من حيث النتائج والتوصيات. ويشمل التقرير تقييمًا عبارة عن نقد ذاتي مفصّل لفترة عمل اللجنة.

7 / 7

العِبر المستخلصة

 

اتفاق متين الأسس

ساهم الاتفاق الذي بموجبه تأسست لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة بتوفير أساسٍ مُلزم ورؤية أخلاقية يضمنان احترامَ الأطراف المشاركة في محادثات السلام التزامَها بإنشاء اللجنة، وتحقيق الهدف الذي لطالما تطلّعَ إليه الكينيون.

الولاية غير الواقعية

تجلّت عيوب اللجنة في أمورٍ غير مألوفة على الإطلاق. وتجسّد العنصر الاستثنائي والمتناقض على حدّ سواء في لجنة كينيا في إنشاء المشاركين مؤسسة محفوفةٍ بالتحديات في حين اعتمدت ظاهريًا الممارسات الفُضلى والمبادئ الممكنة والمحددة دوليًا وقبلت بها.

لم تكن الولاية الممنوحة من مجلس النواب ضعيفة؛ بل على العكس، أثبتت أنّها في غاية التعقيد وبالتالي غير واقعية. وكان يُمكن الولاية أن تدعمَ فعّاليّة اللجنة لو لم يزد بعض عوامل الوضع سوءًا على غرار الإرادات السياسية المتناحرة، وتضارب مصالح النخبة السياسية، والخوف من تعرّض بعض الشخصيات في السلطة للملاحقة القضائية. هذا وقد كانَ لكثيرٍ من أفراد الطبقة السياسيّة أدوارٌ في الحوادث التي حقّقت اللجنة فيها.

انتقاء أعضاء اللجنة

في الظاهر، بدا قانون لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة وكأنّه يضمن عملية انتقاءٍ سليمة وكذلك اعتماد آليّةٍ مجدية في سبيل النظر في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان الموجّهة ضدّ أعضاء اللجنة. غير أنّ القانون لم يقدّم أي فرصة لإجراء تقييم عام لأفضل المرشحين، وهو أمرٌ، لو تمّ، لكان من شأنه أن يحول دون تعيين كيبلاغات المثير للجدل. ولعلّ اعتمادَ أحكامٍ واسعة النطاق في شأن إقالة عضوٍ من أعضاء اللجنة، على أساس عدم الكشف عن الوضع المالي مثلًا، كان ليوفّرَ عناء اللجوء إلى عمليّة مطوّلة من التحديات القضائيّة والمُحاكمات.