1 / 5

المرحلة الأولى:

اتفاق السلام يُنشِئ لجنة الحقيقة

يُمكنُ لجنة الحقيقة أن تُقدّمَ مُساهمةً جوهريّة في سبيل إرساء سلامٍ مستقرٍّ ومستدام، وذلك من خلال الاعتراف بتجارب الضحايا وآلامهم.

فرناندو ترافيسي، نائب مدير برنامج المركز الدولي للعدالة الانتقالية وفيليكس راتيغوي، مُعاون سابق للمركز الدولي للعدالة الانتقاليّة، برنامج الحقيقة والذاكرة.

لجان الحقيقة مع المصالحة باعتبارها الهدف (اضغط على الصورة للتكبير)

خلال مُفاوضات السلام، يُمكن الأطراف المنخرطة بالنزاع المُسلّح أن تتخذ القرار حول اعتبار لجنة الحقيقة جُزءًا لا يتجزّأ من اتفاق السلام.

وتجدر الإشارة إلى أنّ الصياغة المُعتمدة في اتفاق السلام حولَ إنشاء لجنة الحقيقة تلقي بتبعاتها على نجاح اللجنة، شأنها في ذلك شأنُ دقّة الاتفاق ووضوحه، فهما يؤثّران في تقبّل العامّة اللّجنة ويحدّدان مدى جدّيّة الأفرقاء الأساسيّين في التعامل مع هذه اللّجنة.

 

2 / 5

المرحلة الثانية:

سنّ قانون اللّجنة

حالما ينصّ اتفاق السلام على إنشاء لجنة حقيقة، ينبغي سنُّ قانونٍ خاص بولاية اللّجنة كما وينبغي تحديد ماهيّتها بحسب العناصر التالية:

  • الأهداف
  • الوظائف الآيلة إلى بلوغ تلك الأهداف
  • نطاق التحقيق
  • السلطات الممنوحة ومدّة التشغيل والموارد
 

فمن الضروريّ توحيد آليّة تشريع ولاية اللّجان كلّها، ويكون ذلك إمّا بإقرارها بموجب قانونٍ تشريعيّ صريحٍ (على اعتباره قانونًا وطنيًّا) وإمّا بإدراجها ضمن أحكام اتفاق السلام غير الرسميّة (كما هو الحال حين تستندُ اللجنة إلى اتفاق السلام لتحديد ولايتها).

لجان حقيقةٍ حُدّدت ولاياتها بموجب اتفاقات السلام

لجان حقيقة حُدِّدَت ولاياتها بموجب قانونٍ رسميّ

الإيجابيّات

  • في ظلّ جوٍّ من الدعم المؤسساتيّ والسياسيّ الوافر، تقلّ العوائق التي تقف في وجه لجان الحقيقة غير المنصوص عليها في القانون، كما وتتضاءل احتمالات تعرّض ولاياتها للفساد.

الإيجابيّات

  • إمكانيّة تفعيل الحوار بين ممثلي مختلف المكوّنات وضمانة المُشاركة الشعبيّة.
  • منحُ أداة تقصّي الحقيقة الشرعيّة اللازمة.
  • في بعض الدساتير، لا بدّ من إقرار القانون لتزويد اللجنة بسلطاتٍ نافذة تُخوّلها إجراء التحقيقات.

السلبيّات

  • في ظلّ غياب الحوار مع العامّة من الناس أو بين المُشرّعين، تلحّ الحاجة إلى انتقاء أعضاءٍ للجنة يتمتّعون بالمقدرة والصلابة.
  • عدّ لجان الحقيقة التي لا تخضعُ لتقييم العامّة أو السلطة التشريعيّة، أكثر عرضة من سواها للإخلال في اتفاقات السلام، وهي تتمتّع بعددٍ أقلّ من المنصات التي تخوّلها تصحيحَ الصياغة الضعيفة أو تعديل التفاصيل غير الكافية.

السلبيّات

  • قد يُمسي سير اللّجنة بطيئًا.
  • تمسي اللّجنة على تنافسٍ مع الكثير من المُبادرات المُشرّعة الأخرى
  • يُمكن المُشرّعون مِمّن لا يُحيطون علمًا بعمليّات تقصّي الحقيقة أن يسيئوا صياغة القانون.

 

 

3 / 5

المرحلة الثالثة:

تعيين أعضاء اللّجنة

يُعيّنُ أعضاء اللّجنة ليتولّوا قيادة لجنة الحقيقة. وتتوقّفُ فعاليّة اللّجنة على مؤهّلات هؤلاء الأعضاء. وعليه، فإنّ إساءة التعيينات تُطيحُ بالإنجازات المُحرزة في المرحلتين الأوليَيْن من العمليّة.

سماتُ أعضاء اللّجنة الأساسيّة:

  • امتلاك السلطة المعنويّة والمهارة السياسيّة اللازمة لفضّ النزاع
  • إشاعة جوّ من الثقة والحصول على التعاون الفعّال من المُساهمين الأساسيّين
  • التمتّع بوضوح الرؤية لتنفيذ الولايات
  • التمتّع بحريّة التصرّف باستقلاليّةٍ ونزاهة.
 

أمّا أعضاء اللّجنة الوطنيون فهم على تماسٍ مع المجتمعات التي أُنشئَت اللّجان فيها، لذا فهم يعرفونها حقّ المعرفة، إلّا أنَّ حياديّتهم عُرضة للتأثّر بالنزاعات الداخليّة وللتحيّز إلى طرفٍ دون الأخر.

أمّا أعضاء اللّجنة الدوليّون فغالبًا ما يُستعانُ بهم لما يمتلكونه من مهاراتٍ تقنيّة وخبراتٍ عمليّة في مجال عمليّات تقصّي الحقائق، ولعلّ ما تقدّم هو الدافع الأساس الذي حملَ الكثير من لجان الحقيقة المُنشأة في مرحلة ما بعد النزاع إلى ضمّ أعضاءٍ دوليين إليها.

4 / 5

المرحلة الرابعة:

العمليّات وإعداد التقارير

تندرجُ العمليّات الاعتياديّة التي تقومُ بها لجنة الحقيقة تحت مجالاتٍ عامّةٍ ثلاثة، هي: التحقيقات، التواصل والإدارة.

التحقيقات: متى تمتّعت اللجنة بالتمويل اللازم وزُوّدت بفريق عملٍ كفوء، بادرت إلى إجراء تحقيقاتٍ طامحة، فسعت إلى الاستحصال على شهادات الضحايا والشهود والزعماء السياسيّين والمُقاتلين القُدامى. وتقتضي الولاية الموسّعة إجراءَ تحقيقاتٍ أكثر تعقيدًا، الأمر الذي يتطلّب توظيفَ باحثين ماهرين ومتخصّصين في مجالاتٍ مختلفة.

التواصل: يرمي التواصل إلى مُساندة التحقيقات. أمّا تدابير التواصل فقد تشمل إشراك منظّمات المجتمع المدني وتعميم المعلومات على العامّة وتأمين منصّةٍ تُخوّل الضحايا والناجين أن يقصّوا تجاربهم على الملأ.

الإدارة: إنّ إدارة عمليّة واسعةٍ يُنّفذها موظّفون كفوؤن وتتمتّع بحضورٍ قويّ على الأرض وبشبكة اتصالاتٍ فعّالة، لهو أمرٌ يتطلّب خدمات دعمٍ مجديّة. وعليه، ينبغي على لجان الحقيقة أن تُشكّل فريقَ إدارةٍ فعّالٍ ومُتماسك، بحيث يُناطُ به تسهيل النفاذ إلى الموارد العامّة والحصول على الهبات الدوليّة.

5 / 5

المرحلة الخامسة:

التقرير النهائي والتوصيات الصادرة عن لجنة الحقيقة

اعتبرَ المجتمع الغوتيمالي أنّ الإعلان علانيّة عن التوصيات والخلاصات الأساسيّة الواردة في التقرير النهائي خلال عرض هذا الأخير، لا يُشكّل دليلًا على شفافيّة اللجنة وحسب بل هو بمثابة احترامٍ لضحايا النزاع المُسلّح الذين بلغ عددهم 200,000 ضحيّة.

عمليّات لجنة التوضيح التاريخي في غواتيمالا ( The Operations of the Historical Clarification Commission in Guatemala)، الصفحة 41

يُفترضُ بلجنة الحقيقة عندَ انقضاءِ ولايتها أن تُعدّ تقريرًا شاملًا تُظهرُ فيه خلاصاتها وتوصياتها الأساسيّة. ومن شأن ذلك أن يؤدّي إلى تعزيز اهتمام العامّة بولاية الهيئة وأعضائها والخلاصات التي توصّلت إليها. وفي هذا الصدد، تكتسبُ العلاقات الوطيدة التي أقامتها اللجنة مع المجتمع المدني والفاعلين الدوليين أهميّة خاصة، إذ إنّها تضمنُ تعميم التقرير على نحوٍ يصل إلى المجتمع كلّه.

لا يُطلبُ من لجان الحقيقة كلّها عرضَ تقاريرها النهائيّة علانيّة. غير أنّ تشجيعَ عرض التقرير النهائي ومُناقشته على الملأ أمرٌ في غاية الأهميّة، فهو لا يضمن نفاذ المجتمع إلى نتائج اللجنة الأساسيّة وحسب بل يضمن مُناقشة توصياتها في شأن السياسات وتنفيذها على نحوٍ ملائم أيضًا.

ولعلّ أكثر مهمّات لجنة الحقيقة إحاطةً بالتحدّيات هي مهمّة تنفيذ التوصيات، لذا فهي تستدعيَ اتخاذ آليات إضافيّة للتمكن من إتمامها أحسن إتمام.