العدالة الانتقالية وحقوق المرأة: أربعة بلدان ينبغي مراقبتها

10/03/2014

يجب على المجتمعات التي في طريقها لإعادة إقامة العدل وسيادة القانون، سواءً أكانت خارجة من ثورات أو قمع أو نزاع مسلح أو نظام دكتاتوري، أن تضمن أن النساء لهن دور وأنهن يشاركن بفاعلية في رسم الطريق إلى الأمام. وفي هذا الوقت الحاسم، بوسع البحث عن الحقيقة والإصلاحات المؤسسية وبرامج جبر الضرر والملاحقات الجنائية أن تكون وسائل للإقرار بطائفة الانتهاكات والإساءات التي تعرضت لها النساء والفتيات وإنهاء الإفلات من العقاب بشأنها.

احتفالاً باليوم العالمي للمرأة، ندعوكم إلى النظر في أربعة بلدان ستكون في مقدمة أولوياتنا في مجال العدالة الانتقالية والنوع الاجتماعي خلال العام المقبل، وكل من هذه البلدان له تاريخ وسياق خاص به ومجموعة معقدة من التحديات. نحن نعمل جنباً إلى جنب مع شركائنا على الأرض من أجل ضمان أن مبادرات العدالة الانتقالية تكشف عن الأنماط القائمة على النوع الاجتماعي للإساءات، ولتحسين إمكانية اللجوء إلى العدالة، وبناء الزخم من أجل تحقيق إصلاحات ملموسة وجدية في مجال حقوق المرأة. إن الجهود الرامية إلى ضمان الكشف عن الحقيقة وتحقيق العدالة وسيادة القانون في هذه البلدان وغيرها تحقق فرقاً في حياة النساء والبنات.

إن الجهود الرامية إلى ضمان الكشف عن الحقيقة وتحقيق العدالة وسيادة القانون في هذه البلدان وغيرها تحقق فرقاً في حياة النساء والبنات.


Image removed.
### كينيا: فحص أهلية قوات الأمن التي ترتكب إساءات

عندما اندلعت أعمال عنف في جميع أنحاء كينيا في أعقاب الانتخابات في عام 2007، كانت قوات الأمن الكينية متورطة فيها إلى حد بعيد. وعلى أثر ذلك خسرت قوات الأمن ثقة الجمهور مما دفع مفوضية جهاز الشرطة الوطنية إلى الشروع في عملية فحص أهلية لعناصرها على مستوى البلد لتحديد مدى ملاءمتهم للخدمة ولتسريح الأفراد الذين لا تنطبق عليهم معايير محددة من حيث الجوانب الأخلاقية والجدارة والكفاءة.

تتسم هذه المبادرة المشحونة سياسياً بأهمية خاصة للنساء اللاتي حاولن إبلاغ مراكز الشرطة عن تجاربهن خلال العنف الذي أعقب الانتخابات: فبدلاً من تزويدهن بالحماية وفرصة للإبلاغ عما تعرضن له من إساءات، واجهن نزعة عدائية وسخرية وأحياناً اعتداءات جنسية على يد عناصر الشرطة.

وسيعمل المركز الدولي للعدالة الانتقالية مع المفوضية ومع الجماعات النسائية خلال السنة المقبلة للتحقق من أن عملية فحص الأهلية ستشجع على محاسبة سوء تصرف الشرطة حيال النساء، ومحاسبة الآخرين المتورطين في العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وبوسع تضمين أصوات النساء في عملية فحص أهلية عناصر الشرطة أن يساعد على ضمان أن المفوضية ستتصرف بحزم حيال سوء التصرف الذي قامت به الشرطة ضد النساء.

لقد حان الوقت كي تقوم قوات الأمن في كينيا بتحدي ثقافة الإفلات من العقاب التي تتمتع بها قوة الشرطة، ولإعادة طمأنة نساء كينيا بأن الشرطة تعمل لحمايتهن، وليس إيذاءهن.


Image removed.

كولومبيا: ملاحقة مرتكبي العنف الجنسي

على امتداد النزاع المسلح في كولومبيا، عانت النساء والفتيات جيلاً بعد جيل من عنف واسع النطاق. فقد أهملت السلطات إهمالاً واضحاً جرائم الاغتصاب والاعتداء الجنسي والأشكال الأخرى من الإساءات، وتم تجاهلها تقريباً من قبل منظومة العدالة الجنائية: فعلى سبيل المثال: على الرغم من أن الادعاء العام الوطني أحال 183 قضية عنف جنسي في عام 2008، إلا أن النساء الضحايا – ومعظمهن عانى من صدمات بدنية ونفسية شديدة – لم يحصلن لغاية الآن على ضمانات بتحقيق العدالة.

وقد سادت حالة من السخط في أوساط المجتمع الكولومبي بسبب هذه التأخيرات، كما بدأ المجتمع الدولي يمحّص بشأنها (بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية)، مما ساعد على تحقيق تغيير، وتشير الأحداث الأخيرة إلى وجود زخم أكبر من أي وقت مضى من أجل تطبيق العدالة بشأن العنف الجنسي. وعلى سبيل المثال، ثمة مشروع قانون قد يتم إقراره قريباً ومن شأنه تعديل قانون العقوبات الكولومبي من أجل الاعتراف بأشكال محددة من العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، مثل التعرية القسرية والإجهاض القسري والحمل القسري بوصفها جرائم محددة. إضافة إلى ذلك، يحقق النائب العام في كولومبيا حالياً بشأن 1100 قضية إضافية للعنف الجنسي المرتبط بالنزاع المسلح.

وإذ تتواصل محادثات السلام في هافانا، وتظل الآمال كبيرة بإنهاء النزاع المسلح، فإن المركز الدولي للعدالة الانتقالية يوفر الخبرات والمساعدة الفنية للسلطات دعماً للجهود الرامية إلى ضمان المحاسبة عن العنف الجنسي والجرائم القائمة على النوع الاجتماعي.


Image removed.

تونس: مواجهة الحقيقة بشأن تجارب النساء

بعد انهيار النظام الدكتاتوري لزين العابدين بن علي، شرعت تونس في البحث عن الحقيقة بشأن الإساءات السابقة لحقوق الإنسان. وبفضل قانون شامل للعدالة الانتقالية، يجري العمل حالياً على تشكيل لجنة للحقيقة.

ومن بين الجوانب المهمة لهذا القانون أنه يدمج معايير قائمة على النوع الاجتماعي في عملية اختيار أعضاء لجنة الحقيقة، إذ يتطلب تمثيل كلا الجنسين بما لا يقل عن ثلث الأعضاء. وهذا يمثل إشارة قوية على أن تحقيق توازن كبير بين النوعين الاجتماعيين في اللجنة هو أمر ممكن.

ولكن من أجل ضمان مشاركة النساء في اللجنة فلن يكفي فقط الالتزام بحصة معينة للنساء في عضوية اللجنة: ففي حين عمل وجود نساء عضوات في مثل هذه اللجان في سياقات أخرى على توفير أوضاع داعمة ومشجعة لمشاركة النساء من الضحايا والشهود، إلا أنه من الضروري أيضاً أن يكون بين الموظفين خبراء في مجال النوع الاجتماعي يعملون ضمن اللجنة ويحصلون على دعم وصلاحيات كافية.

وفي هذه المرحلة الحاسمة لتونس، يعمل المركز الدولي للعدالة الانتقالية مع جماعات معنية بحقوق النساء وجماعات للضحايا من أجل ضمان إدماج النساء في عمليات لجنة الحقيقة. فبوسع النساء توفير المعارف بشأن أفضل الأساليب للتواصل مع النساء بشأن القضايا الحساسة، ومراقبة عمل اللجنة فيما يتعلق بالنوع الاجتماعي، وتوفير الدعم للمساعدة على ضمان أخذ خبرات النساء بصفة كاملة في النتائج التي تتوصل إليها اللجنة.


Image removed.
### نيبال: تزويد النساء بالدعم الذي يحتجنه

خلال النزاع المسلح الذي شهدته نيبال، وقعت النساء ضحايا للتعذيب والإساءات والعنف الجنسي. وفي عام 2006، عند نهاية النزاع المسلح في نيبال، تم إبرام اتفاقية سلام دعت إلى القيام بأنشطة محددة لمعالجة تركة الإساءات من فترة الحرب.

ولغاية الآن، أنشأت الحكومة برنامجاً للمساعدات الإنسانية – برنامج الإغاثة المؤقت – وهو يوفر مساعدات مالية وعينية لأسر الضحايا ممن تم إخفاؤهم قسرياً أو قتلهم، وأولئك الذين أصيبوا بإعاقات أو جراح أثناء النزاع.

إن ضحايا العنف الجنسي بحاجة ماسة للدعم النفسي الذي بوسع برنامج الإغاثة المؤقت أن يوفره؛ ومع ذلك، تلك النساء الضحايا لسن مؤهلات للحصول على استحقاقات أساسية، على الرغم من أنهن يعانين بصفة مستمرة من إصابات بدنية ونفسية.

ثمة فرص عديدة خلال السنة المقبلة للدفع بالحوار حول التعويضات للضحايا. ومن الضروري أن تستجيب التعويضات للتأثيرات المتعلقة بالنوع الاجتماعي لهذه الإساءات، والتي تتضمن، ولا تقتصر على، الاغتصاب والأشكال الأخرى للعنف الجنسي.

يعمل المركز الدولي للعدالة الانتقالية مع الضحايا ومع جماعات المجتمع المدني لمناصرة إشراك الضحايا اللاتي تم حرمانهن من الدعم الأساسي والخدمات الأساسية، بمن فيهن ضحايا العنف الجنسي. وسننشر قريباً دراسة حول نيبال، وهي تنظر عن كثب في التأثير المتعلق بالنوع الاجتماعي الناجم عن النزاع، خصوصاً المضامين المترتبة عنه على برامج جبر الضرر. ومن خلال هذا التقرير وغيره من الأنشطة سنواصل العمل مع الجهات الأخرى للضغط من أجل تحديد تعويضات بطريقة أكثر ذكاءً وإجراءات مستنيرة لمعالجة الصدمات الناجمة عن النزاع التي تعرضت لها النساء في نيبال.


للمزيد من المعلومات حول برنامج العدالة والنوع الاجتماعي، يمكنك النظر هنا، أو قراءة المقابلة مع مديرة العدالة والنوع الاجتماعي كيلي موديل هنا.
الصور: من الأعلى: عضوات في آسمام (Asmum) خلال المظاهرات في بوتومايو، كولومبيا، لطلب الحقيقة والذاكرة للضحايا النساء خلال النزاع المسلح. (كاميلو ألدانا سانين/المركز الدولي للعدالة الانتقالية)؛ امرأة تنظر الى احد المراكز قبل التصويت في الانتخابات العامة في ألبيسيل، كينيا، الاثنين في 4 مارس/آذار عام 2013 (صورة لـ AP/ريكاردو جانجالي)؛ عضوات في آسمام يهيئن لمظاهرات في بوتومايو، كولمبيا للمطالبة بالحقيقة والذاكرة للضحايا النساء خلال النزاع المسلح. (كاميلو ألدانا سانين/المركز الدولي للعدالة الانتقالية)؛ امرأة تونسية تشق طريقها بين المدافن خلال مشاركتها في مأتم قائد المعارضة شكري بلعيد في مقبرة الجلاز قرب تونس العاصمة، الجمعة في 8 فبراير/شباط عام 2013 (صورة لـ AP/أمين لاندولسي)؛ امرأة نيبالية تصرخ بعبارات خارج مكان إقامة رئيس الوزراء بابورام بهاتاري خلال مظاهرة في كاتماندو، نيبال، الاثنين في 7 يناير/كانون الثاني عام 2013. (صورة لـ AP/نيرانجان شرستا)