ما دور لجان الحقيقة في عمليات السلام ؟

18/04/2016

افتتح الاتحاد الأفريقي اليوم في شراكة مع مؤسسة كوفي عنان والمركز الدولي للعدالة الانتقالية مؤتمرا رفيع المستوى في مقر مفوضية الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، إثيوبيا حول دور لجان الحقيقة الرسمية كجزء من عمليات السلام.

وقد عقد المؤتمر الذي يستمر يومين، تحت عنوان "لجان الحقيقة وعمليات السلام في أفريقيا،" وضم كبار الموظفين من الاتحاد الأفريقي والدول الأعضاء وكذلك الخبراء الدوليين والوطنيين للتفكير في الدروس المستفادة من لجان تقصي الحقائق التي برزت من عمليات السلام في أفريقيا والقارات الأخرى. تشمل الدول المعنية قيد المناقشة تونس وجنوب أفريقيا وسيراليون ومالي وكينيا وكوت ديفوار وكولومبيا.

وأكد رئيس المركز الدولي ديفيد تولبرت في كلمته الافتتاحية أن معالجة الأسباب الكامنة وراء الصراع العنيف هو أمر أساسي لإحلال السلام المستدام وسلط الضوء على الدور الأساسي الذي يجب على لجان الحقيقة أن تقوم به في هذا الصدد. وأوضح السيد تولبرت: "لا يمكن أن يقوم سلام على فقدان ذاكرة إرادي بخصوص الماضي أو التخلي عن المساءلة. من ناحية أخرى، لأن يكون البحث ذَا مغزى، فإنه لا يجدر أن يكون استجابة ميكانيكية أو رضوخاً لفرض خارجي، وإنما نتيجة لفهم عميق للأسباب والبحث عن الحقيقة والعدالة متجذرين في السياق المحلي."

ألقى الخطاب الرئيسي في المؤتمر صباح اليوم السيد كوفي عنان، رئيس مؤسسة كوفي عنان.

وقال السيد عنان: "من تجربتي الخاصة، أستطيع أن أقول أننا تعلمنا أن العدالة ليست عائقا أمام السلام - إنها شريك أساسي. وبطبيعة الحال، فالسعي بشكل مواز للعدالة والسلام يمثل تحديا لصانعي السلام."

وأكمل عنان: " يتم الجدل في بعض الأحيان أنه من أجل المضي قدما بعد النزاع، على جرائم الماضي أن توضع جانبا زمنا حتى يكون النسيج الاجتماعي قويا بما يكفي للتعامل مع تلك الفظائع". مكملا: "أوافق أننا لا يمكننا أن نصف كيف يجب أن تتعامل الدول والضحايا مع الماضي. لكن المجتمعات بشكل عام لا يمكنها بناء مؤسسات شرعية على أساس سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان إذا بقيت الصراعات الكامنة والمرارة عن الماضي دون معالجة. ويحق للمجتمعات والأفراد في معرفة الحقيقة حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. إنه لحق من حقوق الإنسان وقيمة في حد ذاتها. لا ينبغي لنا إسكات الماضي."

بالإضافة إلى خطاب السيد عنان الرئيسي، ألقى السفير إسماعيل شرجي ، مفوض السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، والسيد ديفيد تولبرت، رئيس المركز الدولي، كلمات افتتاحية.

قال شرجي: "أود أن أؤكد أننا في جهودنا الرامية إلى تعزيز السلام يجب أن تأخذ المصالحة مركز الصدارة". مكملا: "المصالحة تنطوي على البحث عن الحقيقة والعدالة، وهنا حيث يجب أن تلعب دورا داعما".

وأضاف تولبرت: "لا ينبغي لنا أن نفكر في لجنة تقصي الحقائق كبديل عن النظام القضائي أو عن الإجراءات القضائية. الحقيقة لها قيمة وهي قيمة مستقلة: فهي وسيلة للتعبير عن الإدانة الأخلاقية للانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والفظائع، وذلك كأساس للالتزام بإصلاحات ذات مغزى، وهي أيضا وسيلة للاعتراف بكرامة الضحايا، وهذاعلى سبيل المثال لا الحصر.”

أطلق الاتحاد الأفريقي مشروع التأطير من أجل العدالة الانتقالية في المؤتمر. وقدم عبدل محمد، رئيس الأركان لفريق التنفيذ رفيع المستوى بالاتحاد الأفريقي والسفير صلاح حماد، أحد كبار مسؤولي حقوق الإنسان بقسم الشؤون السياسية للاتحاد الافريقي، المشروع في حلقة نقاش صباح اليوم الاثنين. وتقترح الوثيقة الالتزام ببرنامج شامل للعدالة الانتقالية في جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي. ومن بين الخطوات الأولى في خطة التنفيذ إقامة نصب تذكاري لحقوق الإنسان في مجمع الاتحاد الأفريقي، تكريما للذكرى ال٢٢ القادمة للإبادة الجماعية في رواندا.

كان في مركز هذه المناقشات تقرير صادر عن المركز الدولي للعدالة الانتقالية ومؤسسة كوفي عنان، بعنوان "الخروج عن المألوف: هل يسع لجان الحقيقة دفع عمليات السلام قدما؟"، الذي يستكشف العديد من الافتراضات الشائعة حول لماذا يتم إنشاء لجان الحقيقة بعد النزاع المسلح لمعالجة انتهاكات الماضي وما هي العوامل التي تجعلها أكثر احتمالا للنجاح - أو للفشل.

وقد تم تنظيم المؤتمر كجزء من مبادرة مستمرة من قبل المركز الدولي للعدالة الانتقالية ومؤسسة كوفي عنان لتعزيز الحوار حول الخبرات والدروس المستفادة من لجان الحقيقة التي برزت من عمليات السلام. وقد عقدت النقاشات الماضية في بوغوتا- كولومبيا؛ جنيف- سويسرا؛ ونيويورك - الولايات المتحدة الأمريكية.

التقرير متاح باللغتين الانجليزية و الأسبانية ، كما تم إطلاق النسخة الفرنسية اليوم في المؤتمر.


*الصورة: عبد محمد، كوفي عنان، إسماعيل شرجي وديفيد تولبرت في مؤتمر للاتحاد الأفريقي بالشراكة مع المركز الدولي للعدالة الانتقالية، ومؤسسة كوفي عنان بعنوان"لجان الحقيقة وعمليات السلام في أفريقيا" في أديس أبابا. (الاتحاد الافريقي وزارة السلم والأمن)*