العدالة الانتقالية والنوع الاجتماعي: هل مصر مستعدة للعدالة الانتقالية؟

خصص مجدي قنديل حميد مقدمة الجلسة للفت الانتباه إلى انتهاكات حقوق الانسان الحالية التي تمارس ضد النشطاء من قبل السلطات في مصر. وضع قنديل عدة تساؤلات أمام لجنة حلقة النقاش والتي تهدف لتحديد الجرائم التي ارتكبت في الماضي، والأوقات التي ينبغي أن يطبق عليها جبر الضرر، وإجراءات العدالة الانتقالية للتعامل مع الجرائم التي ارتكبت ضد المرأة.

وتساءل حميد: ما هي الاجراءات التي سنتخذها في مصر؟ هل مصر مستعدة للتعامل مع العدالة الانتقالية أم أننا لم نصل بعد لنقطة الانتقال؟ قد يحملنا هذا لبذل جهود كبيرة لتوضيح أهمية العدالة الانتقالية، وذلك لجذب النشطاء لهذا المجال باعتباره واحدا من أهم عمليات الانتقال.

من جهته، أوضح روبن كارنزا، مدير برنامج جبر الضرر لدى المركز الدولي للعدالة الانتقالية، أن جبر الضررهو حق الناجيين ويمكن أن تكون التعويضات مادية أو رمزية. كما قدم المبادئ الأساسية للأمم المتحدة لجبر الضرر والتي توضح أن التعويضات يجب أن تكون ملائمة ومؤثرة وفورية.

وأكد كارنزا على أنه "يجب أن يتاح للضحايا وصولا ملائما للمعلومات بشأن جبر الضرر الذي يستحقونه.كما أن الدولة ملزمة بتوفير جبر الضرر حيثما كانت الانتهاكات تعزى إلى الدولة وحيثما لم يتم محاسبة الأطراف."

وأوضح كارنزا أن المحاكم لديها دور للقيام به، إذ يمكنها أن تحكم بجبر الضرر للضحايا، ولكن هناك قيودات والتي تشمل نفقات رفع الدعاوى ومدى نطاق السلطة القضائية وحجم الانتهاكات. وهذا ما حمل بعض الدول لتأسيس مؤسسات رقابية لتنظيم برامج جبر الضرر كي تضمن أن تكون هذه البرامج مرنة وعادلة.

بعد ذلك، تحدثت كيلي موديل، مديرة الدراسات الخاصة بالنوع الاجتماعي لدى المركز الدولي للعدالة الانتقالية، بالتفصيل عن الطرق التي تستهدف النساء بوجه خاص فيما يتعلق بالنزاعات والقمع والأسباب التي تجعل مثل هذه الجرائم تبقى غير معلومة، موضحة أن أحد أوجه العنف ضد المرأة يتمثل في التوابع طويلة المدى لهذا العنف، وذلك يشمل الضرر البدني الناجم عن العنف الجنسي والعزل المجتمعي والضرر النفسي.

كما قامت موديل بتحليل الصعاب في معالجة توابع العنف المتلعق بالنوع الاجتماعي، بما في ذلك الوصول المحدود للمصادر مقارنة بالرجال، بالاضافة إلى وصمة العار التي تحيط بالعنف الجنسي.

وفي معرض مناقشتها لما يمكن للعدالة الانتقالية أن تفعله لمعالجة العنف ضد النوع الاجتماعي، بينت موديل أن العدالة الجنائية تمثل شكلا هاما للعدالة لأنها تبعث برسالة للمجتمعات بأن لن يتم التسامح فيما يتعلق بالعنف الجنسي. لكنها أكدت أن ذلك يمثل عنصرا واحدا فقط. كما يمكن للجان الحقائق وجبر الضرر مواجهة هذا الانكار من خلال الاستماع لروايات ضحايا العنف الجنسي، وفحص أشكال الانتهاكات وتوصيتها كذلك بإصلاح المؤسسات لتمكين المرأة في مرحلة ما بعد عملية الانتقال لضمان أنها لن تكون عرضة لمثل هذا العنف فيما بعد.
واختتمت موديل كلمتها بتأكيدها على أن مصر لديها فرصة مميزة لإشراك المرأة في عمليات العدالة الانتقالية ومعالجة الجرائم التي ترتكب ضدها، وأن المجتمع هو من يقع على عاتقه هذه المسؤلية لتحقيق ذلك.

ياسمين سوكا، المفوضة السابقة بلجنة الحقيقة والمصالحة بجنوب إفريقيا، أثارت قضايا تواجه مصر في الوقت الراهن وكيفية أن تضمن إتمام عملية المحاسبة وكيفية وضع حد للإفلات من العقاب وكذلك كيفية ضمان أن عملية الانتقال ستعالج جذور النزاعات والإنتهاكات الشائعة في المجتمعات الأخرى.

وتحدثت سوكا تفصيليا عن تجربة جنوب إفريقيا والجهود التي قامت بها النساء لتشكيل تحالفات والتي ضمن من خلالها المشاركة في العملية السياسية، التي أدت في مآل الأمر إلى تغيرات دستورية تحترم حقوق المرأة. وقالت سوكا: "إذا لم تعالج عملية الانتقال العنف ضد المرأة، فسوف يزداد هذا العنف ويعزز من تهميشها. وعندما نسمع جملة (الحرية أولا، المساواة لاحقا) فيمكننا أن نوقن أن المساواة لن تتحقق أبدا."

ودعت سوكا المشاركين ألا يفقدوا الرؤية للطبيعة النظامية للانتهاكات ومن المستفيد منها، من أجل أن تتم معالجتها بطريقة ملائمة من خلال آليات العدالة الانتقالية.

من جانبها، شددت مزن حسن، مديرة نظرة للدراسات النسوية، على أن محاولات تلبية مطالب الضحايا من خلال جبر الضرر غالبا ما تغض النظر عن نضالهم لتغيير النظام، والذي – طبقا لمزن – يعد نوعا من جبر الضرر. واقترحت مزن أن الأنظمة الانتقالية الخاصة، مثل المحاكم الخاصة، يمكنها التعامل بصورة أفضل مع الإرث المتعلق بالعنف المنظم. وفي الختام، حذرت مزن من ربط النوع الاجتماعي بالنساء بصورة حصرية، لأن ذلك من شأنه تضييق أفق المناقشة ويعطي صورة مضللة من شأنها التأثير سلبا على المناقشة.

وفي حلقة النقاش التالية، تناول المشاركون بعض القضايا، منها رفض بعض الحكومات الغربية الاعتراف بقضايا انتهاكات ودفع التعويضات المناسبة، بالاضافة إلى الحاجة إلى تقديم اعتذارات من الحكومات في المنطقة عن الانتهاكات الماضية وعن الوضع في اليمن.