منع الانتهاكات في مصر وتونس: كيفية عزل المجرمين وإصلاح القطاع الأمني

استؤنفت حلقة النقاش السادسة من فعاليات المؤتمر بمناقشة إصلاح المؤسسات، مع تسليط الضوء على القطاع الأمني باعتباره العمود الفقري لنظام العدالة وارتباطه بالمجتمع المدني.

قدم عبد الرازق بن خليفة، مستشار بالمحكمة الإدارية التونسية، نبذة تاريخية عن جهاز الأمن التونسي، والحاجة الملحة لإصلاح المؤسسات وبعض التوصيات الخاصة حول كيفية تحقيق ذلك. وذكر بن خليفة أن العقبة الرئيسة أمام إصلاح قوات الأمن والجيش في تونس هي الافتقاد التام للمعلومات المتاحة حول هيكلة وعمليات هذه القوات. إذ ينبغي لأي عملية إصلاح أن تتغلب على تلك العقبة أولا، بالاضافة إلى المحظورات التي تحيط بالمناقشات العلنية حول أعمال ومسؤوليات القطاع الأمني.

وأوضح المستشار التونسي أنه في ظل نظام بن علي، عمل القطاع الأمني وكأنه القوة الأمنية للنخبة الحاكمة، من خلال خدمته لمصالح النظام فقط. وكان المواطنون يعتبرون قوات الأمن تهديدا لهم بدلا من اعتبارهم حقا توفره الحكومة لحماية مواطنيها. كذلك لم يكن هناك إشراف مدني أو أفراد مدنيون داخل القطاع الأمني، إذ كان الاتصال بين المدنيين وقوات الأمن يتم فقط من خلال تحصيل الضرائب.

لذا، فالإصلاح الرئيسي يحتاج تغيير دور القطاع الأمني من حماية النخبة الحاكمة إلى حماية أفراد الشعب. فما زال ينظر المواطنون للقطاع الأمني بعين الريبة، حتى بعد الثورة، إذ تعتبر قوات الأمن والجيش كـ "جواسيس" وظيفتهم الأساسية هي إعداد التقارير عن النشطاء المدنيين.

واختتم بن خليفة كلمته ببعض التوصيات التي توجه عملية الإصلاح، منوها بالحاجة إلى تحديد الأهداف بصورة واضحة وشفافة وأن تشمل عملية الإصلاح إشراف منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني.

ومن أجل الحد من ثقافة العنف داخل القطاع المدني، أوصى المستشار بعمل تغيير جذري في إجراءات التدريب الأمني والتجهيز المناسب لأفراد الأمن، بالاضافة إلى دمج العنصر النسائي في قوات الشرطة والجيش.

واستمر النقاش بكلمة للسيد حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، الذي ألقي الضوء على عملية الإصلاح المطلوبة في مصر. وقال بهجت أنه على الرغم من التقدم الذي أحرز في السنة الماضية والاستعداد للمضي قدما، فإن التحرك الحقيقي نحو الديمقراطية في مصر لم يبدأ حتى الآن نظراً لعدم بدء تنفيذ الإصلاحات في القطاع الأمني.

وعبر بهجت عن مخاوفه ازاء الإجراءات التي تم إتخاذها بشأن إصلاح قطاع الأمن منذ اندلاع الثورة. وقال بهجت: "نحن لا نتقدم الى الإمام بل بالعكس نحن نعود الى الوراء. فهناك الآن آليات أمن قمعية لم تكن موجودة خلال عهد النظام السابق. ولم يتم محاسبة أي من الاشخاص الذين ثبت تورطهم في فظائع ارتكبت في الماضي ولم يتم اتخاذ اي إجراءات لإصلاح آليات التدريب التي أوجدت ثقافة العنف في القطاع الأمني.

ورأى بهجت أن الاقرار الرسمي بالدور الذي لعبه جهاز الشرطة خلال الحكم الدكتاتوري البائد واثناء الثورة يعتبر بمثابة خطوة أولى ضرورية في هذه العملية. وقال بهجت ان جهاز الشرطة لم يتدرب أبداً على حماية حقوق الانسان بل قام بلعب دور مناهض لهذه الحقوق، ليتفق بذلك مع رأي المستشار التونسي بن خليفة.
أما رضوان زيدان، رئيس مركز دمشق لدراسات حقوق الانسان، فقد قدم تعليقاً حول النقاش وركز تعليقه على سؤالين رئيسين: ماذا نعني بعملية إصلاح قطاع الأمن وكيف يمكن أن تساهم السجلات في هذه العملية. وأكد رضوان مجدداً على الحاجة لفرض رقابة مدنية على قطاع الأمن وأكد ايضاً على اهمية إصلاح إجراءات التدريب كونها عامل اساسي في تحديد ما ان كانت قوات الأمن أداة لحماية حقوق الانسان أم أنها آلية لارتكاب الانتهاكات.

وفيما يتعلق بمسألة السجلات، حذر زيدان قائلاً ان فتح هذه الوثائق يعتبر سلاح ذو حدين؛ فعلى الرغم من أن المعلومات الموجودة في هذه السجلات ستساهم في حد كبير في سير عملية المحاسبة الا أنها من الناحية الأخرى قد تشكل تهديداً على الأمن الوطني وأمن المدنيين وستصبح العملية مسيَسة بشكل كبير. لذا لا بد من توفير رقابة ذات خبرة لإجراء مثل هذه العمليات المتعلقة بكشف السجلات.

وقام المشاركون بطرح بعض الأسئلة فتحت النقاش في قضايا مثل كيفية اجراء اصلاح فعال وشامل لقطاع الأمن وتفاصيل حول التدريب المطلوب لتغيير منهج وثقافة قطاع الأمن وقضايا أخرى متعلقة بتنفيذ تقنية لتعزيز عمليات قطاع الأمن على سبيل المثال من خلال تشديد الرقابة.