منع الانتهاكات من خلال فحص أهلية الموظفين وإصلاح المؤسسات

بدأت الجلسة الرابعة للمؤتمر بتحديد إصلاح مؤسسات القطاع الأمني على أنه أحد الاحتياجات الملحة في مصر في الوقت الراهن. افتتح رئيس الجلسة عمرو صلاح، عضو المكتب التنفيذي لإتلاف شباب الثورة، حلقة النقاش التي ركزت على فحص أهلية الموظفين وإصلاح المؤسسات كوسيلة لمنع الانتهاكات في المستقبل، مستشهدا بأمثلة من كل من البوسنة والعراق.

بعد ذلك، استهل سيرجي رومين، خبير الإصلاح المؤسسي، كلمته بإعطاء وصف دقيق لعمليات الإصلاح، مركزا على فحص أهلية الموظفين.

قال رومين إنه من خلال متابعتنا للثورات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، اتضح لنا أن قضايا إصلاح القطاع الأمني أصبحت في صميم عملية الانتقال التي أعقبت تلك الثورات. لكن ذلك يثير سؤالين هامين: ما هو تعريفنا للقطاع الأمني، وماذا يعني إصلاح هذا القطاع؟

وأوضح رومين أن القطاع الأمني يشمل مجموعة الوزارات التي تحكم عملية الأمن في المجتمع، بجانب أفراد قوات الشرطة والأمن أنفسهم، وأن المؤسسات الأمنية تعد جزءاً متأصلا من المجتمع التي تعمل بداخله. وأضاف أن المجتمع يقدم الوسائل للعمليات الأمنية، من خلال توفير الأفراد والتمويل الذي يأتي بطريقة تقليدية من الضرائب. لذا، يجب أن تخضع هذه المؤسسات للمحاسبة أمام المجتمع المدني.

ولتوضيح المعضلات التي تعترض طريق إجراء المحاسبة عن الانتهاكات من خلال عملية الإصلاح، شارك رومين الحضور واقعة كان صاحبها أحد وزراء الداخلية السابقين في البوسنة، الذي تساءل "ماذا يفعل مع قواته في قطاع الشرطة؟ فنصفهم داخل السجون لإدانتهم بتهم الإبادة الجماعية، والنصف الآخر تم دفنهم كضحايا لهذه الإبادة الجماعية."

وتتمثل الأهداف الرئيسة لعملية الإصلاح في إعادة بناء الثقة في المؤسسات الأمنية ومنع الانتهاكات في المستقبل. وبين رومين أهمية عملية فحص أهلية الموظفين، والتقييم الشخصي لأفراد القطاع الأمني، حيث أوضح أن فحص أهلية الموظفين لا يعني العقاب، بل بناء مؤسسة يمكن أن يثق بها المجتمع في القيام بحمايته، بدلا من أن تزيد من عدد انتهاكات حقوق الإنسان.

وبالانسجام مع الأفكار التي طرحت في الجلسة حول العدالة الجنائية، حذر رومين أن أي دولة لا تستطيع حل المشاكل السياسية من خلال فحص أهلية الموظفين وإصلاح المؤسسات، لأن هذه عملية تقنية. إلا أنه أوضح أن الإرادة والقوة السياسية تعد ضرورية لتعزيز عملية الإصلاح، مؤكدا أن الإصلاح غير كاف في حد ذاته وأنه يجب أن يكون جزءا من استراتيجية أشمل للعدالة الانتقالية.

وقامت خبيرة حقوق الانسان ميرندا سيسون بتسليط المزيد من الضوء على قضية إصلاح المؤسسات، واستشهدت بنموذج عملية اجتثاث البعث في العراق كدرس هام على انحراف عملية إصلاح المؤسسات عن مسارها الصحيح. يشار أن اجتثاث البعث كانت سلسة من العمليات التي وقعت في الفترة بين 2003 و 2008 بهدف منع ظهور حزب البعث من جديد في العراق.

وقالت سيسون أن العراقيين أرادوا تطبيق المحاسبة ولكن عدد الاشخاص المتورطين كان كبيراً. ولهذا السبب كان هناك دعماً كبيراً لمعاقبة القادة والمسؤولين الرئيسيين فقط ولكن ذلك لم يحدث. فقد تم معاقبة نحو 65 الف من كبار الموظفين الاداريين في قطاع الخدمات العامة بالفصل وتم حل الجيش على حساب عملية الاصلاح والأمن الشامل في العراق.

واختتمت سيسون عرضها بتقديم بعض التوصيات الى الدول التي تسعى لإصلاح القطاع الأمني وطرحت بعض الدروس المستفادة من قصص الاخفاق في العراق. وشملت التوصيات ضرورة تحديد أهداف واضحة من عملية الإصلاح والإعتراف بأن إصلاح المؤسسات ليس استراتيجية شاملة للعدالة الانتقالية ويجب أن تقترن بتدابير أخرى مثل جبر الضرر والعدالة الجنائية والبحث عن الحقيقة. وشددت أيضا على ضرورة الفهم الكامل لقوى هيئات الإصلاح وتعريفها وضرورة إجراء مراقبة محايدة للعمليات، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بإصلاح العملية الانتخابية.

وقام المشاركون بطرح بعض الاسئلة التي تتعلق بإمكانية تطبيق الدروس المستفادة من حالة العراق في عملية إصلاح المؤسسات في مصر.

وسيستأنف المؤتمر أعماله غداً الموافق 31 اكتوبر وستتناول جلساته قضايا محاكمة المدنيين ومنع تكرار الانتهاكات ومعالجة قضايا الفساد وتدخل المحكمة الجنائية الدولية في المنطقة.