الضحايا في فلسطين وإسرائيل لا يمكنهم الانتظار: يجب اتخاذ إجراءات عاجلة بعد الخطوة الإيجابية نحو المساءلة

22/05/2024

يعترف المركز الدّولي للعدالة الانتقاليّة ويُرحّب بالأمر الحازم الذي أصدره المدّعي العامّ للمحكمة الجنائيّة الدّوليّة والقاضي بالقبض على رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين ووزير الدّفاع الإسرائيليّ يوآف غالانت، وثلاثة من قادة حماس -هم يحيى السّنوار ومحمّد دياب إبراهيم المصري وإسماعيل هنيّة- لارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانيّة. ومن شأن هذا القرار أن يُعزّز ويكملَ مسار المحاسبة الّذي فتِحَ حديثًا على المستوى الدّوليّ: ويتمثّل بالدّعوى الّتي رفعت أمام محكمة العدل الدّوليّة ضدّ إسرائيل المُتّهمة بانتهاكها للالتزامات الّتي تعهّدت بها بموجب اتّفاقيّة منع جريمة الإبادة الجماعيّة.

هذا التّطوّر المهمّ لا يدحض الانتقاد قديم العهد المُوجّه لِلمحكمة الجنائيّة الدّوليّة بازدواجيّة معاييرها فحسب، بل يُثمّن القدرَ المتاح من الأدلّة على ارتكاب طرفي النّزاع جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانيّة، ويقرّ به ويؤيّده على حدّ سواء.

ولا بدّ من التّشديد على أنّ هذا القرار لا يساوي بين إسرائيل وحماس؛ بل يمنح ضحايا الطّرفين إقرارًا متساويًا وأملًا بالمحاسبة الجنائيّة. فالقانون الدّولي الإنسانيّ قاطعٌ، بما لا لُبسَ فيه، في شأنِ دوره القاضي بتقييم سلوك كلّ طرف من طرفَي النّزاع، أيًّا يكن انتماؤه، وبمحاسبته على تنفيذ الالتزامات المرعيّة الإجراء دوليًّا.

ويتوجّه المركز الدّوليّ للعدالة الانتقاليّة إلى الدّول بدعوةٍ جادّة إلى الوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف، وفي اتّفاقيّة منع جريمة الإبادة الجماعيّة، وفي صكوك أخرى تتعلّق بالقانون الدّوليّ، بما فيها نظام روما الأساسيّ. ففي ظلّ هذه الأوقات الحرِجة، يكتسب التّنسيق الدّوليّ والامتثال للأطر القانونيّة القائمة أساسًا، أهميّة قصوى لا يُدرك قدرُها.

لقد عيل صبر الضّحايا: فيحقّ لهم، وهم يستحقّون، أن يروا إجراء الملاحقات الجنائيّة المجدية، وإنزال العقاب بالجناة، إلّا أنّ حاجاتهم، الحاليّة والمُستقبليّة، إلى العدالة، وحقوقهم تتخطّى حدود المحاسبة الجنائيّة.

ونحن نأمل، شديدَ الأمل، أن يقدر هذا التّطور المُستجدّ، حتّى وإن استُبعِد تحقيقه في المدى المنظور، على أن يساهم في إدخال وقف إطلاق النّار الفوريّ حيّز التّنفيذ، وبالتّالي، في إنهاء الأزمة الإنسانيّة المستمرّة وإطلاق سراح الرّهائن.

تكثرُ الشّروط المسبقة الأساسيّة المطلوب استيفاؤها من أجل ابتداءِ مسارات طويلة تأخّر إطلاقُها، ترمي إلى معالجة مسببات النّزاع الجذريّة، فتُمهّد السّبيل أمام المساعي الأكثر شموليّة الّتي طال انتظارها وتؤول إلى إحقاق العدالة وإرساء السّلام المستدام.

يُمكن قراءة بيان المدّعي العامّ للمحكمة الجنائيّة الدّوليّة كريم خان كاملًا هنا.

______________ 

الصورة: المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان – محاطًا بزملائه – يعلن عن طلبه لإصدار أوامر اعتقال بحق قادة إسرائيليين وحماس في لاهاي، 20 مايو، 2024. (ICC)