قبرص

لعدّة عقود من الزمن، طُبعت قبرص بالنزوح وحالات الإختفاء والإنقسام طويل الأمد. قام المركز الدولي للعدالة الإنتقالية بتنفيذ برنامج على مدى سنتين، لتسهيل النقاش حول الماضي بهدف مساعدة قبرص على العمل نحو مستقبل ديمقراطي ومستقرّ يتميّز باحترام الحقوق.

الصورة
صورة لأرامل وأمهات المفقودين في قبرص

قبرص – أرامل وأمهات المفقودين (جورج جورجيو/صور بانوس)

سابقاً

الخلفية

عانت قبرص في الفترة الممتدّة من 1963 إلى 1974 من نزاعات مستمرّة بين المجتمعين اليوناني القبرصي والتركي القبرصي. وقد أدّى الإنقلاب العسكري اليوناني في العام 1974، الذي دعمته المنظمات العسكرية القبرصية اليونانية، إلى تدخّل تركي نتج عنه تطهير عرقيّ وتبادل سكّاني. وكانت النتيجة إنقسامًا فعليًّا بين ما يُسمّى اليوم بقبرص التركية في الشمال وقبرص اليونانية في الجنوب.

خلال ذلك النزاع، مات الآلاف من الناس أو إختفَوا: فقد أفادت العائلات عن إختفاء 502 قبرصي تركي و1,493 يوناني تركي خلال تلك النزاعات، كما نزح أكثر من مئتَي ألف شخص من بيوتهم خلال تلك الفترة.

في العام 1974، أدّت سلسلة من المبادرات الدبلوماسية إلى وقف إطلاق النار، لكنّها فشلت في المصالحة بين الطرفَين المتنازعَين. وفي العام 1983، أعلن القبارصة الأتراك عن إقامة الجمهورية التركية لشمال قبرص المنفصلة سياسيًّا، والمعترَف بها فقطمن قِبَل تركيا.

في العام 1981، أنشأت الأمم المتّحدة لجنة لشؤون المفقودين تولّت مهام تقصّي جميع حالات الأشخاص المفقودين ذات الصلة بالنزاع. ومنذ شباط/فبراير2011، استطاعت هذه اللجنة إستعادة رفات أكثر من 760 شخصًا، وتعرّفت إلى رفات 263 شخصًا وأعادتهم لعائلاتهم.

في الفترة الممتدّة بين 1975 و2003، كانت حركة التنقّل بين جانبَني الجزيرة شبه ممنوعة ونشأ جيل على عدم معرفة المجتمع الآخر من القسم الثاني من الجزيرة.ومنذ العام 2003، جرى فتح عدد محدود من نقاط التفتيش، بما يسمح للناس بالوصول إلى جميع أقسام الجزيرة، ما أدّى إلى تغيّر كبير في سياق النزاع.

حاليًّا، لم يعد الإتّصال بين المجتمعَين خاضعًا للتنظيم على يد الأطراف الرسمية، واتّسع مجال اللحوار وبناء العلاقات، ما أثّر على توفير فرصة لمبادرات البحث عن الحقيقة والمصالحة، وهي في تزايد مستمرّ. في الوقت ذاته، يتزايد التوتّر مع بقاء النزاع بدون حلّ، كما تتزايد الحالات القانونية لردّ الحق إلى أصحابه أو التعويض على النازحين داخليًّا، بينما تواصل عائلات المفقودين ضغوطها لإكتشاف مصير أحبّائهم المفقودين.

منذ شباط/فبراير 2008، تجدّدت الجهود للتوصّل إلى حلّ للمشكلة القبرصية مع إطلاق محادثات سلام بين قادة المجتمعَين.

دور المركز الدولي للعدالة الانتقالية

منذ آذار/مارس 2009، يعمل المركز الدولي للعدالة الإنتقالية في قبرص على مساعدة المجتمع المدني ومنظمات الضحايا في معالجة ماضي الجزيرة العنيف، والتواصل مع مجتمعات أخرى في بلدان أخرى مرّت بمراحل إنتقالية مشابهة.

يعمل المركز من خلال ورش العمل والنقاشات وعرض الأفلام ومجموعات العمل لشقّ الطريق أمام المصالحة بين المجتمعَين والمحاسبة عن الماضي.

  • تجارب مشتركة: عمل المركز على فتح قنوات التواصل بين منظّمات الضحايا في قبرص ومنظّمات المجتمع المدني الأخرى في بلدان عاشت تجارب مشابهة، من ضمنها لبنان وجنوب أفريقيا ويوغسلافيا السابقة.
  • المصارحة: عمل المركز مع منظّمات المجتمع المدني وقادة المجتمع المحلّي والسياسيين. فعقدنا العديد من ورش العمل والنقاشات العامة حول المصارحة وتخليد الذكرى والتوثيق، وأسّسنا مجموعة عمل لتوفير منتدى يستطيع من خلاله أعضاءٌ من المجتمعَين مناقشة أساليب وطرق ملموسة لتنفيذ آليات المصارحة.
  • التوثيق: قدّم المركز النصح ووفّر مساعدة فنّية حول تضمين التوثيق وحفظ السجلّات مساهمةً في الجهود المستقبلية على مواجهة الماضي.
  • التثقيف: يعمل المركز، بالشراكة مع إلدرز (Elders) وجمعية الأبحاث والحوار التاريخي (AHDR)، على صياغة مواد تعليمية حول قضية الأشخاص المفقودين وتطويرها، لترافق الفيلم الوثائقي "نبش الماضي بحثًا عن المستقبل" الذي أنتجه إلدرز.
  • بناء القدرات: خلال تنفيذ المشروع الرئيسي الذي استغرق سنتين، إكتسب مستشارونا المحليون الخبرة حول العدالة الإنتقالية والمعرفة الخاصة بالمقارنة، اللتين ستبقيان موردًا لقبرص.

أصبح برنامج المركز الدولي للعدالة الإنتقالية ممكنًا من خلال تمويل قدّمه الإتّحاد الأوروبي، آذار/مارس 2009 – نيسان/أبريل 2011.