خطوةٌ أقرب للأهالي في اتّجاه الكشف عن مصير أحبائهم: لبنان يُشكّل الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسرًا

23/06/2020

بيروت، 23 حزيران/يونيو 2020 — بعدَ مرور قرابة السّنة ونصف السّنة على إقرار القانون رقم 105 المتعلّق بالمفقودين والمخفيين قسرًا في لبنان، عيّنت الحكومة أخيرًا أعضاء الهيئة الوطنيّة للمفقودين والمخفيين قسرًا، التي تشكّل صلب القانون رقم 105 آنف الذّكر. ويرحّب المركز الدولي للعدالة الانتقالية بهذا التّعيين الذي يشكّل خطوةً إضافية في اتجاه الكشف عن مصير الآلاف من المفقودين والمخفيين قسرًا.إنّ الأعضاء في أيّ هيئة هم أساس فعاليّتها ومصداقيتها، وسلطتهم الأخلاقيّة هي ضمانة نجاحها. ولا بدّ أن يكون الحفاظ على سمعتها هدف كلِّ عضوٍ فيها. لذلك، يجب على الأعضاء الالتزام بالمعايير الأخلاقيّة المعدّدة في المادّة 13 من القانون رقم 105 والمضمنة في اليمين الّتي يقسمونها أمام رئيس الجمهورية. وتشمل هذه المعايير على الأمانة والإخلاص والاستقلالية وعدم التحيّز والتصرّف على نحوٍ يوحي بالثقة وذلكَ بغية ضمان إعلاء العدالة وحماية حقوق الإنسان وإحقاقها.

ويشكّل تماسك أعضاء الهيئة وتبادل الثقة والاحترام في ما بينهم ركيزةً أخرى تحدّد نجاح الهيئة أو فشلها. وفي هذا الصّدد، يشرح المدير التنفيذي في المركز الدّولي للعدالة الانتقاليّة، فرناندو ترافيسي، قائلًا: "أثبتت التجارب في السّياقات المُختلفة أن التوتّرات والخلافات تُقوّضُ عمل الهيئة وتشلّه. يجب على الأعضاء الجدد أن يتحلّوا بالقدرة على اجتياز التحديّات الحتمية والتعالي على الانقسامات السياسية والتصدي للضغوطات الخارجية. وإن تحقق ذلك، فمن شأنه أن يكون باعثًا على الثقة العامة بالهيئة ويساهم في تيسير التعاون ما بينَ الأطراف المعنية." 

إنّ التمرّس على مراعاة الضّحايا في التّعامل معهم هو أمرٌ في غاية الأهميّة. إذ يجب على الأعضاء أن يتعاملوا مع الضحايا بما تمليه مبادئ حقوق الإنسان وقيمها. فالضّحايا يُعاملون بكرامةٍ وبتعاطفٍ وبدون أدنى تمييز. ويجدرُ بالهيئة أن تأخذ دومًا في الاعتبار حقوق الضحايا وحاجاتهم وأن تحثّهم على المشاركة في كلّ مرحلةٍ ممكنة، على أن تتنبّهَ، في خلال ذلك، إلى حماية خصوصيّتهم وضمان سلامتهم. 

ولا يكتسب تعيين الأعضاء أيّ معنًى يُذكر ما لم تُظهر الحكومة التزامًا أكبرَ في ضمان حق الأهالي في معرفة الحقيقة واتخاذ التدابير اللّازمة لجعل الهيئة ذا مصداقيّة وفعاليّة. لذا، فمن الضرورة القصوى أن تُسارع الحكومة إلى تزويد الهيئة بالموارد اللّازمة وبالاستقلالية الكافية التي تُخوّلها إتمام مهامها بنجاحٍ وبحيادٍ وبمعزلٍ عن أيّ تدخلٍ سياسي. وكان المركز الدّولي للعدالة الانتقاليّة قد نشرَ في العام 2016 دراسةً تستعرضُ المدخلات الموضوعيّة والتشغيلية والمالية التي تُراعي السياق اللّبناني. وقد أُعِدَّت هذه الدّراسة لتُتّخذَ أداة مرجعية في وضعِ أنظمة الهيئة الداخلية وتحديدِ ميزانيتها التشغيلية. 

وفيما يكبر بعض أهالي الضّحايا ويتوفون وتُشيَّد الأبنية على المقابر الجماعية، تلحّ الحاجة أكثر من أي وقتٍ مضى إلى تشكيلِ هيئةٍ تكون ذا مصداقية وفعالية وتمويلٍ كافٍ لتكشف الحقيقة المتعلقة بمصير الضحايا وتستعيد أي رفاتٍ وتُسلّمها لذويهم. وتُعلّق خبيرة البرامج وممثلة المركز الدّولي للعدالة الانتقالية في لبنان، نور البجاني نور الدين، على هذا الموضوع، قائلةً: "صحيحٌ أنّ لبنان يمرّ اليوم بأزمته الاقتصادية الأسوأ على الإطلاق. لكنّ الهيئة هذه هي جهازٌ إنسانيّ محض، غايته الإتيان بأجوبةٍ لطالما انتظرها الآلاف من الأهالي طوالَ عقودٍ من الزّمن. على الهيئة أن تمضي قدمًا، بغضّ النّظر عن الأزمة الحالية. فما عادَ في إمكاننا أن نطيلَ الانتظار بعد لتضميد جراح الأهالي." 


الصورة: يطالب أهالي المفقودين في لبنان بمعرفة حقيقة مصير أحبائهم منذ عقود. (من أرشيف لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان)