العراق: لا بد للمحكمة من تحسين جهودها في قضية الأنفال: يجب على المحكمة الاستفادة من دروس "الدجيل" لرفع مستوى كفائتها وعدالتها وأمنها

20/08/2006

بغداد ونيويورك، 21 أغسطس/آب 2006– ذكر المركز الدولي للعدالة الانتقالية اليوم أن بدء محاكمة الأنفال في 21 أغسطس/آب يتيح فرصة تاريخية لتعزيز العدالة في العراق، ولكن يجب على المحكمة الجنائية العراقية العليا تطبيق الدروس الأساسية المستفادة من محاكمة الدجيل لكي يتسنى لها تعزيز قدرتها على تحقيق العدل والمساءلة.

وقالت ميراندا سيسونز، رئيسة برنامج العراق بالمركز الدولي للعدالة الانتقالية، والمراقبة الموفدة من المركز إلى المحكمة لرصد إجراءاتها القضائية "إن هذه لحظة حاسمة؛ فإذا تمت محاكمة الأنفال كما ينبغي، لأوضحت للعراقيين المعني الحقيقي للمساءلة. غير أن المحكمة عليها أن تبذل جهدا كبيرا لتبين أنها استوعبت الدرس من التجربة السابقة، وإلا فمن المحتمل أن تقوض نفسها".

ومن المنتظر أن يواجه صدام حسين وابن عمه علي حسن المجيد وخمسة متهمين آخرين طائفة من التهم في محاكمة الأنفال، منها الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. وتنبني هذه الاتهامات على انتهاكات ارتكبت خلال "حملة الأنفال" عام 1988 – وهي سلسلة من الهجمات المنسقة الواسعة النطاق التي نفذتها القوات العراقية ضد السكان الأكراد في شمال العراق. وأدت الحملة التي شملت الاستخدام المتكرر للأسلحة الكيماوية إلى مقتل نحو 100 ألف مدني أو اختفائهم قسراً، فضلاً عن التدمير شبه التام للبنية الأساسية المحلية.

ومن المتوقع أن تكون محاكمة الأنفال – وهي الثانية بعد محاكمة الدجيل، وقد تأجلت جلساتها إلى 16 أكتوبر/تشرين الأول– أكثر تعقيدا من سابقتها على المستوى القانوني وعلى مستوى الحقائق، حيث يمثل حجم الأدلة الوثائقية وشهادات الشهود تحديات إدارية هائلة تقتضي من المحكمة إدخال تعديلات كبيرة على إجراءاتها على نحو عاجل.

وبناء على ما قام به المركز من متابعة موسعة على أرض الواقع لمحاكمة الدجيل، فقد حدد المركز ست خطوات أساسية يجب على المحكمة اتخاذها لمواجهة التحديات التي تنتظرها.

يرى المركز أن المحكمة ينبغي عليها القيام بما يلي، ضمانا لقدرتها على إجراء محاكمة عادلة وفعالة في قضية الأنفال:

· ضمان استقلال القضاء، على رئاسة المحكمة ألا تسمح للعوامل الخارجية بالتأثير على التعيينات القضائية. وعليها الالتزام بالمبادئ الأساسية الخاصة باستقلال القضاء، وعلى جميع القادة العراقيين والأجهزة الحكومية العراقية الالتزام بذلك أيضا؛

· وضع ترتيبات أمنية فعالة ومستمرة لصالح جميع المشاركين، بمن فيهم مسؤولو المحكمة ومحامو الدفاع والشهود والمراقبون؛ فقد عانت المحكمة من مشاكل أمنية شديدة، أدت إلى مقتل حوالي ثمانية من المشاركين حتى الآن؛

· ضمان تقديم الأدلة وفحصها بدرجة أكبر من الدقة، فمرتكبو الجرائم من قبيل الإبادة الجماعة كثيرا ما يرتكبونها باستخدام مجموعة متشابكة من الآليات المعقدة؛ لذلك يجب أن يكون من الواضح تماما لقضاة المحكمة من هم الأشخاص الذيم يُزعم ارتكابهم لهذه الجريمة أو تلك، وكيفية ارتكابهم لها– كما يجب توصيل هذه الصورة إلى الشعب العراقي. فإذا أرادت المحكمة تحسين قدراتها في هذا الصدد، فعليها أن تسعى جاهدة لتوسيع نطاق استعانتها بالخبرة الدولية؛

· التوصل إلى فهم أفضل لدور الدفاع، الدفاع لا يخدم مصالح المهتمين فحسب، بل هو ضمانة حيوية لخدمة مصلحة المحكمة؛ ومن ثم فإن المحكمة بحاجة إلى إيجاد أدوات أفضل وأكثر شفافية لتأديب من يسلك أي سلوك غير مهني من محامي الدفاع، ولكن عليها أيضا الاضطلاع بمسؤوليتها في ضمان التمثيل الكافي للمتهمين، وذلك مثلا عن طريق تهيئة الفرصة لتقديم الوثائق اللازمة لمحامي الدفاع؛

· تنظيم الإجراءات، خاصة فيما يتعلق بسرية الشهود والاستجابة للطلبات المقدمة للمحكمة؛ إذ تعتبر الإجراءات المنظمة ضرورة حيوية لتحقيق مفهوم العدالة وتجلي ذلك بوضوح؛

· الشروع فورا في وضع برنامج قوي للتواصل مع الجمهور، لم تفلح المحكمة حتى اليوم في التواصل مع عامة الناس، ولا حتى على أدنى المستويات؛ ولذلك لم يكن لدى المواطنين العراقيين أي مصلحة تُذكر في متابعة تفاصيل قضية الدجيل، ولم يكن بمقدورهم فهمها. ومن ثم فإن قلة المشاركة أو الاهتمام تؤدي إلى تراجع حاد في الفوائد المرجوة من وجود المحكمة في العراق.

وقالت سيسونز "إن قضية الأنفال قضية هامة ومعقدة إلى حد يفوق التصور؛ ولئن كان من المحتمل أن يكون الخبراء القانونيون الدوليون قد غضوا الطرف عن بعض أوجه القصور في قضية الدجيل، باعتبارها القضية الأولى التي تنظرها المحكمة، فإنهم سيكونون أقل تساهلا في محاكمة الأنفال. والنظر في مثل هذه القضايا الخطيرة في ظل ظروف بالغة الصعوبة يستوجب حتماً من المحكمة أن تبادر بإرساء الممارسات القضائية الفعالة".

خلفية عن المحاكمة

أنشئت المحكمة الجنائية العراقية العليا بموجب أمر من سلطة التحالف المؤقتة في عام 2003، وأدرجت ضمن القانون العراقي المحلي في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2005. وتسري ولاية المحكمة على كل مواطن عراقي أو غير عراقي مقيم في العراق يُزعم ارتكابه جرائم الإبادة وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب فيما بين 17 يوليو/تموز 1968 والأول من مايو/أيار 2003. كما تشمل ولايتها انتهاكات بعض القوانين العراقية، مثل التدخل في شؤون القضاء أو تبديد الموارد الوطنية.

وجميع العاملين بالمحكمة عراقيون، وإن كان قانون تأسيسها يسمح بتعيين مستشارين دوليين. ويتولى "مكتب الاتصال المعني بجرائم النظام"، الذي يقع مقره في السفارة الأمريكية في بغداد، دعم المحكمة وتلبية احتياجاتها في مجال التحقيقات واحتياجاتها اللوجيستية.

وسوف يتولى خمسة من قضاة المحكمة الجنائية الثانية نظر قضية الأنفال، التي تم توجيه الاتهام فيها للمتهمين السبعة الآتية أسماؤهم:

· طاهر توفيق العاني : محافظ الموصل سابقا، ومسؤول بحزب البعث، ومساعد علي حسن المجيد

· صابر عبد العزيز الدوري : مدير عام الاستخبارات العسكرية العراقية سابقا

· فرحان مطلك الجبوري : مدير الاستخبارات العسكرية بالمنطقة الشمالية سابقا

· سلطان هاشم أحمد الطائي : قائد الفيلق الأول بالجيش العراقي سابقا، والذي كان مسؤولا عن القطاع الشمالي خلال حملة الأنفال، ثم أصبح بعد ذلك وزيرا للدفاع

· علي حسن المجيد التكريتي : يُزعم أنه مهندس حملة الأنفال، وهو ابن عم صدام حسين. وكان أمينا عاما لمكتب حزب البعث بالمنطقة الشمالية من مارس/آذار 1987 إلى إبريل/نيسان 1989، وكان يتمتع بصلاحيات تخوله السيطرة على كل أجهزة الدولة في المنطقة الكردية في تلك الفترة

· حسين رشيد التكريتي : نائب رئيس أركان الجيش العراقي لشؤون العمليات سابقا خلال حملة الأنفال

· صدام حسين المجيد التكريتي : رئيس العراق من 1979 إلى 2003.

أما التهم الموجهة إلي المتهمين فهي كما يلي، وذلك طبقا لوثائق المحكمة:

· صدام حسين وعلي حسن المجيد متهمان بالإبادة الجماعية بموجب المادة 11(أولاً)(أ) و(ج) من القانون الأساسي للمحكمة.

· جميع المدعى عليهم متهمون بجرائم ضد الإنسانية، وذلك بموجب المادة 12(أولاً) (أ) و(ج) و(هـ) من القانون الأساسي للمحكمة. وتتضمن هذه الجرائم القتل العمد والاسترقاق والسجن وغير ذلك من صور الحرمان الشديد من الحرية البدنية.

· كل المدعى عليهم، عدا طاهر توفيق العاني، متهمون بارتكاب جرائم حرب بموجب المادة 13 (رابعاً) (أ) و(د) و(ل) من القانون الأساسي للمحكمة. وتتضمن التهم تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين، وضد المباني المخصصة لأغراض ثقافية أو دينية أو طبية أو تعليمية أو غيرها من المباني شريطة ألا تكون أهدافاً عسكرية، وتدمير الممتلكات أو الاستيلاء عليها ما لم يكن ذلك أمراً ألزمته ضرورات الحرب.

عن المركز الدولي للعدالة الانتقالية

يسعى المركز الدولي للعدالة الانتقالية لمعالجة أخطر انتهاكات حقوق الإنسان ومنعها من خلال التصدي لإرث الماضي من الانتهاكات واسعة النطاق. ويتوخى المركز حلولاً كلية شاملة ترمي لتعزيز المساءلة وخلق مجتمعات يسودها العدل والسلم. للمزيد من المعلومات. لمزيد من المعلومات زوروا: www.ictj.org/ar

للاتصال

حبيب نصار (نيويورك) مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال افريقيا المركز الدولي للعدالة الانتقالية Phone +1 917 637 3839 hnassar@ictj.org

رفيك هودزيك (نيويورك) مدير قسم الإعلام المركز الدولي للعدالة الانتقالية Phone +1 917 975 2305 rhodzic@ictj.org