بقلم جمانة أبو عقصة و كيلي موديل
تُعدُّ العدالة الانتقالية بمثابة استجابة للانتهاكات المنهجية أو الواسعة النطاق لحقوق الإنسان؛ فهي تسعى للاعتراف بما قاساه الضحايا من انتهاكات، ومحاسبة المرتكبين، وتعزيز إمكانيات تحقيق السلام والمصالحة. وهي ليست شكلاً خاصاً من أشكال العدالة، بل هي تكييف للعدالة على نحو يلائم المجتمعات التي تسعى للتحول في أعقاب فترة من الانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الإنسان أو الصراع. وتشمل العدالة الانتقالية آليات تركز على الحق في معرفة الحقيقة، والحق في العدالة، والحق في التعويض أو جبر الأضرار، وإصلاح المؤسسات التي تقترف الانتهاكات. أما في المنطقة ، فقد تتيح العدالة الانتقالية سبلاً لمعالجة تركة الانتهاكات السائدة ، والمساعدة في إرساء بيئة أفضل لتحقيق السلام. ومثل هذه الانتهاكات تشمل هدم المنازل، ومصادرة الأراضي، والاعتقال التعسفي، والتعذيب، وسوء المعاملة، والتهجير القسري، وفرض القيود على حرية التنقل وكل هذا في إطار الاحتلال المستمر منذ عقود. كما أن الانقسام بين فتح وحماس كان مصحوباً باعتداءات عنيفة على المدنيين، واعتقالات تعسفية، وتعذيب، وإعدامات خارج نطاق القضاء.
وفي هذا السياق، تكابد النساء الفلسطينيات الكثير من تلك الانتهاكات، سواء بشكل مباشر أم غير مباشر، فضلاً عن الانتهاكات التي تستهدف النساء بوجه خاص، مثل العنف الأسري، والمضايقات الجنسية، وغيرها من الانتهاكات. وتهيأ أدوات العدالة الانتقالية وسيلة لمساءلة مرتكبي تلك الانتهاكات المرتبطة بالنوع الاجتماعي، عن طريق كشف النقاب عن أنماط الانتهاكات، وإتاحة سبل الإنصاف أمام المرأة، وحشد الزخم اللازم للإصلاح، وتحدي أنماط اللامساوة بين الجنسين من خلال الاعتراف العلني بالعوامل التي تسمح بوقوع تلك الانتهاكات. كما أنها تهيئ للمرأة فرصاً مهمة للمشاركة في عمليات بناء السلام والتأثير عليها.
والمجالات الأربعة للعدالة الانتقالية هي: الحقيقة، والعدالة، والتعويض، والإصلاح المؤسسي؛ وهناك قدر كبير من التداخل والتكامل فيما بينها؛ وإذا استُخدمت هذه المجالاتالاربعة مجتمعةً بالترتيب الأمثل الذي يقتضيه السياق المحلي أياً كان فسوف يعزز بعضها البعض، ويكون لها أنجع الأثر في وضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب.
جمانة أبو عقصة هي مستشارة المركز الدولي للعدالة الانتقالية في الأرض الفلسطينية المحتلة واسرائيل. كيلي موديل هي مديرة برنامج العدالة الانتقالية والنوع الإجتماعي في المركز الدولي للعدالة الانتقالية.
