لبنان: دراسة حديثة تعرضُ جدوى الهيئة الوطنيّة الآيلة إلى كشف مصائر المفقودين والمخفيين قسرًا

26/01/2016

بيروت في 27 كانون الثاني/ يناير من العام 2016— بعدَ مضيّ خمس وعشرين سنة على انتهاء الحرب الأهليّة في لبنان، لا تزال عائلات المخفيين قسرًا تنتظرُ معرفة مصائر أحبّائها. وفي هذا الصدد، خلصَ التقرير الأخير الصادر عن المركز الدولي للعدالة الانتقاليّة إلى أنّ لبنانَ اليوم على أهبّ الاستعداد لمُعالجة هذه القضيّة من خلال إنشاء هيئةٍ وطنيّة مستقلّة. هذا ويعرض التقرير المزايا الكفيلة بإنجاح الهيئة المستقبليّة.

تحمل الدراسة الممتدة على 28 صفحة عنوان " المفقودون في لبنان: مُقترحات لإنشاء الهيئة الوطنيّة المستقلة للمفقودين والمخفيين قسرًا"، وهي تضمّ معلومات وتحليلات ماليّة وتقنيّة تستندُ إلى الواقع اللبناني وترمي إلى تسيير النقاشات حول المُتطلّبات الواجب استيفاؤها بغية إنشاء هيئة يُناطُ بها تحديد هويّة المفقودين ومواقع تواجدهم.

في عام 1992 أعلنت الحكومة اللّبنانيّة أنّ 17415 شخصًا فُقِدوا إبّان الحرب، ويُعتقدُ أنّ غالبيّتهم قد اختُطِفوا على يدّ الميليشيات اللّبنانية أو الفلسطينيّة واحتُجِزوا ضمن الأراضي اللبنانيّة، لكن ليست هناك أي سجّلات رسميّة تحتوي على أسماء المفقودين أو على بياناتِ ما قبل وفاتهم.

وقد صرّحَ رئيس المركز الدولي للعدالة الانتقالية،ديفيد تولبرت: "أنّ سنوات الانتظار الطِّوال التي تلت الحرب هي بمثابةِ انتهاكٍ مُستمرٍّ لحقّ العائلات في معرفة الحقيقة حسبما يُقرّه القانون الدولي وتعترف به المحاكم اللبنانيّة." وأردَفَ تولبرت قائلًا: "إن استحداث هذه الهيئة قد يكون خطوة كُبرى في تفعيل هذا الحقّ."

إلى ذلك، يرى الكثير من هيئات المجتمع المدني ومجموعات الضحايا أنّ النقاشات حول هذه القضيّة في لبنان بدأت تتخذُ منحًى جديدًا، فقد بدأَ حشد المزيد من الزخمِ للمضيّ قدمًا في قضيّة المفقودين والمخفيين قسرًا . وفي موازاة ذلك، تنظُرُ لجنة حقوق الإنسان النيابيّة اللبنانيّة حاليًّا في اقتراح القانون الآيل إلى إنشاء هيئةٍ تُعنى بشؤون المفقودين والمخفيين قسرًا. هذا وقد صدرَ قرارٌ قضائي في العام 2014 يُقرّ بحقّ العائلات في معرفة الحقيقة. أمّا العمل على جمع بياناتٍ متعلّقة بالمفقودين فجارٍ على قدمٍ وساق.

ومن شأن اقتراح القانون الموحّد حولَ المفقودين والمخفيين قسرًا أن ينصّ على إنشاء هيئة وطنيّة مستقلّة يُفترضُ بها أن تقومَ مقام المؤسسة الرئيسية المنوطة بتنسيق الجهود الحثيثة بغية التوصّل إلى تلبيةِ فعالة ومجدية لحاجة العائلات المُلحّة إلى معرفة الحقيقة في شأن أقاربها المفقودين.

تقول نور البجاني، معاونة البرامج بمكتب المركز الدولي للعدالة الانتقالية بلبنان: "نلحظُ اليوم فرصةً نحوَ عمليّة وطنيّة هدفها التوصّل إلى أجوبةٍ شافية وتوضيح الحقيقة."

هذا وقد زوّدَ خبراء لبنانيون ودوليون الدراسةَ بتحليلاتٍ ومدخلاتٍ تقنيّة وتشغيليّة وماليّة تُحدّد المتطلبات الواجب استيفاؤها بغية إنشاء هيئة تعني بشؤون المفقودين والمخفيين قسرًا.

وتعكسُ الاقتراحات والتوصيات الواردة في هذه الدراسة المُمارسات الدوليّة المُثلى التي من شأنها أن تصل بالهيئةِ إلى الفعاليّة القُصوى والاستدامةِ، وهي في الوقت عينه، تُلائمُ واقع الحال في لبنان وتُراعي قوانينه وسياسته وتاريخه على حدّ سواء. هذا وتردُ في الدراسةِ تقديراتٌ ماليّةٌ بغيةَ توفير فكرةٍ أوّليّةٍ عن تكاليف إنشاء هيئة مماثلة وتشغيلها.

ويثبتُ النموذج المُقدّم قابليةَ الهيئة الوطنية المستقلّة الملحوظةَ في اقتراح القانون الموّحد على الاستمرار والتطوّر في لبنان الحاضر.

ويأمل المركز الدولي للعدالة الانتقاليّة بأن تُبدّدَ هذه الدراسة الشكوك التي تُساور مَن قد يُعارض إنشاء الهيئة على خلفيّاتٍ ماليّة أو تشغيليّة وبأن تساعد في تخطّي التحدّيات المستقبليّة المترتّبة، مثلًا، على تشغيل الهيئة وعلى وضع النظم الداخليّة والميزانيّات التشغيليّة.

وأعربَ تولبرت أنّه: "من الخطأ الطلب من أهالي المخفيين قسرًا الانتظار إلى أجلٍ غير مُسمّى للحصول على أجوبة شافية. ويُعقد على هذه الهيئة المُستقبليّة الأملَ الأكبر في مُعالجة قضيّة المفقودين والمخفيين قسرًا."

وتجدرُ الإشارة إلى أنّ سفارة فنلندا في لبنان قد موّلت هذه الدراسة التي ترمي إلى مُؤازرة مُطالبي الحكومة اللّبنانيّة بإحقاق حقّ العائلات في معرفة الحقيقة.

يُمكن تنزيل التقرير كاملًا باللغتين الانجليزية والعربية.

للتواصل الإعلامي:

نور البجّاني البريد الإلكتروني: nelbejjani@ictj.org


الصورة: لبنانيات يحملن صوراً لذويهم المفقودين خلال اعتصام في ذكرى الحرب الأهلية، بيروت. (Grace Kassab/AP)