مؤسسة من الأَكَاذِيب : "أقارب من أجل العدالة" تفتح الحقيقة حول الصراع الايرلندي

13/03/2017

ونحن ننظرُ إلى الوراء على مدى 15 عاماً من عمل المركز الدوّلي للعدالة الانتقالية، انضموا إلينا في الاحتفاء بحلفائنا في جميع أنحاء العالم الذين يكافحون من أجل حقوق الإنسان وضد الإفلات من العقاب. تكريماً لجهودهم في خنادق هذا الكفاح، سنقدّم لكم قصصهم في الأسابيع والشهور القادمة.

هذه هي قصة مارك طومسون، الرئيس التنفيذي ل "أقارب من أجل العدالة"، وهي مجموعة تكافح من أجل الحقيقة والعدالة في أيرلندا الشمالية.


في 12 فبراير، 1989، حَطمت المطارق الثقيلة الباب الأمامي لمنزل بات فينوكين في شمال بلفاست. اقتحم المتمردون منزل عائلته وعثروا على محامي حقوق الإنسان البالغ من العمر 39 عاماً يأكل العشاء يوم الأحد مع زوجته وأطفاله الثلاثة. أطلقوا النار عليه 14 مرة وفرّوا هاربين.

بعد ما يقرب من 30 عاماً على مقتل فينوكان، لا تزال هناك أسئلة. من أَمَر بالقتل؟ هل كانت الحكومة البريطانية مُتورطة بشكل ما؟ ومتى سيتم توفير العدالة للضحايا في النهاية؟

    Image removed.مارك طومسون

هذه هي الأسئلة التي يواجهها مارك طومسون كل يوم. طومسون هو أحد المؤسسين والرئيس التنفيذي ل "أقارب من أجل العدالة"، وهي مُنظمة مقرها بلفاست تُطالب بالحقيقة والمساءلة والتعويضات عن العنف المُرتكب خلال الصراع الايرلندي. تدعم المُنظمة الأسر عاطفياً وقانونياً في نضالها من أجل العدالة.

يعلمُ طومسون هذا النضال بشكل جيد. ففي عام 1990 قُتل شقيقه بيتر من قِبل الجيش البريطاني كجزء من عملية إطلاق النار للقتل. لم تقم الشرطة بالتحقيق بشكل مناسبٍ في جريمة القتل وقُوبلت جهود طومسون لتحريك تحقيق شامل بالسخرية.

يقول طومسون: "اقتحمت الشرطة والجيش البريطانى منزلنا. عادوا بعد أيام من الجنازة في ساعات الصباح الباكر بأمر اعتقال لأخي الميت. سخر الجنود من محاولة والدي للاعتراض. لم تهتم الشرطة وسهلت عملية الإفلات من العقاب على الرغم من الأدلة الأولية التي اتهمت الجنود". مضيفاً: "في بعض الأحيان [في حالات أخرى]، كانوا يأخذون الجسم ويتركون الرصاص في الجدران، الخراطيش الفارغة - كان كنزاً من الأدلة الجنائية، ولكن تم تجاهله".

مُحطمة من الخسارة وعدم استجابة النظام القانوني، كانت أسرته في حاجة ماسة لملاذ. انضم بعضهم، بمن فيهم ابن عمه، إلى الجمهوريين الايرلنديين المسلحين وقُتل فيما بعد. ولكنٌ طومسون اتخذ طريقاً مختلفاً: كان يعلمُ عن مقتل فينوكين واتّصل بأسرة الناشط الذي قُتل، وشريكه القانوني القديم بيتر مادن. في عام 1991 اجتمع مادن وطومسون وأسرة فينوكين مع عدد من الضحايا والحلفاء الآخرين لتأسيس "أقارب من أجل العدالة" كوسيلة لدعم الأسر في البحث عن الأجوبة والتعويض.

يُعلق طومسون: "هدفنا هو استعادة الكرامة، والمساءلة عن الانتهاكات التي اُرتكبت، والتعويضات والتعامل مع هذه القضايا بطريقة منفتحة وصادقة جداً. لا يمكننا بناء مستقبل مجتمع على أساس الأكاذيب. علينا أن نتصدى لها".


وقفة احتجاجية في دبلن بمناسبة الذكرى العشرين لمقتل بات فينوكين. (Sinn Féin/Flickr)
### الإفلات من العقاب في أيرلندا الشمالية

التعامل مع الماضي في ايرلندا الشمالية يعني التوّصل إلى مُصالحة مع صراع دام 30 عاماً بدأ عام 1968 بين الجانب النقابي البروتستانتي في معظمه الذين سعوا إلى البقاء موالين للتاج البريطاني، والجمهوريين من غالبية كاثوليكية الداعين إلى أيرلندا المستقلة. كانت المنطقة تحت السيطرة البريطانية لأكثر من 400 عاماً، ومع تزايد الصراع العنيف نشرت الحكومة البريطانية الجيش مما أدى إلى تصاعد التوتر: في ذروة الصراع كان هناك 27000 من الأفراد العسكريين و 13000 من ضباط الشرطة يقومون بدوريات في عدد السكان يبلغ 1.5 مليون فحسب.

بالإضافة إلى الوُجود الرسمي للدولة، عملت المنظمات شبه العسكرية - مثل تلك التي قتلت فينوكين - بالتعاون مع موظفي الحكومة لمضايقة وتخويف وكثيراً من الأحيان قتل الجمهوريين. في الوقت نفسه، قتلت الجماعة المسلحة "الجيش الجمهوري الايرلندي" مئات الأرواح على جانب النقابيين. وأسفر النزاع عن مقتل نحو 3600 شخصاً خلال هذه الفترة.

في أغلب الحالات لم تُحقق الشرطة أو القضاء الذي تسيطر عليه بريطانيا في أعمال العنف المرتكبة في أيرلندا الشمالية ضد الجمهوريين. تلقت أسر الضحايا تحقيقات سطحية وواجهوا إزْدِرَاء الضباط.

كَبِر طومسون عند مفترق طرق هذا الصراع: فقد وُلد لأم كاثوليكية وأب بروتستانتي، ومع أقارب له في الجيش الجمهوري الايرلندي، كان هو وأسرته هدفا متكرراً للعنف النقابي.

وأضاف "هذا هو السياق الذي نشأتُ فيه: العسكرة وما إلى ذلك. انتقلنا إلى منازل مختلفة في عدة مناسبات، وكانت هناك محاولات لقتل والدي عندما كنا صغارا جداً، والتي حمداً لم تنجح".

دفعت هذه التجارب الأولى مع العنف الطائفي طومسون نحو النشاط ولكنّ قتل أخيه رسّخ التزامه بالنضال من أجل العدالة. رأى طومسون بشكل مباشر مدى الإفلات من العقاب في البلد وقدرة الحكومة البريطانية على قمع الحقيقة.

يقول طومسون: "دفعني هذا الشعور العميق بالظلم الذي يُرتكب ليس فقط ضدي، ولكنه يؤثر أيضاً على مئات من الناس إن لم يكن آلاف عبر الانقسام الديني والسياسي. فكيف نتعامل مع ذلك؟"

"نحن لا نفصل برنامج التعافي والالْتِئام من الصدمة عن قضية العدالة ... الصدمة لا يُمكن أن تعالج حقاً وأن تُفهم إلا في سياق العدالة الحسابية."

الصدمة والتعافي

الحلّ، وفقا ل"أقارب من أجل العدالة"، يكمن في نهج متعدد الجوانب يعالج بشكل شامل الاحتياجات العاطفية للضحايا وحقهم القانونيّ في العدالة. يعمل اثنا عشر موظفاً بدوام كامل جنباً إلى جنب مع الضحايا للدعوة إلى إنشاء آلية مستقلة لاستعادة الحقيقة من شأنها التحقيق في الجرائم التي ارتكبها طرفا النزاع، وتنسيق الجهود القانونية الرامية إلى وضع حدٍ للإفلات من العقاب وكشف الحقيقة. ولكن هذا العمل مبني على أساس دعم مجتمعي للضحايا.

تعترف "أقارب من أجل العدالة" أنّ الكشف عن الحقيقة له تكاليفه: يواجه الضحايا مقاومة في محاولة الكشف عن الحقيقة، ويُطلب منهم التحدث علناً مراراً وتكراراً عن اللحظات الأكثر إيلاماً في حياتهم. وعلاوة على ذلك، إن أَمْكن الكشف عن الحقيقة، فذلك أيضاً يمُكن أن يسبب صدمة لبعض الضحايا.

هذا هو السبب في أنّ "أقارب من أجل العدالة" تديرُ برنامجاً موازٍ لجهودها حول الحقيقة والمساءلة. يُوظفُ البرنامج بين 20-30 من العاملين في مجال الصحة العقلية الذين يعملون في حوالي 12 مركزاً للصدمات النفسية التي أنشأها في جميع أنحاء البلد. صُمّم البرنامج على غرارِ عَمل جوديث هيرمان مع الناجين من المحرقة الذي ربطت العلاج من الصدمة العنيفة بضرورة العدالة والمساءلة.

يقول طومسون: "نحن لا نفصل برنامج التعافي والالْتِئام من الصدمة عن قضية العدالة. الإفلات الدائم من العقاب له تأثير ضار على استمرار الصدمة ويضيف مزيداً من الأذى من خلال العمليات الروتينية. الصدمة لا يُمكن أن تعالج حقاً وأن تفهم إلا في سياق العدالة الحسابية".

يعالج البرنامج الإجهاد والقلق والاكتئاب والإدمان وإدمان الكحول وغيرهم من مظاهر الصدمة الشائعة في المجتمعات الأيرلندية، وذلك باستخدام كل شيء من العلاجات التقليدية والعلاجات التكميلية والعلاجات الاجتماعية مثل العلاج بالفن والدعم الاجتماعي والأنشطة. في السنة التقويمية الماضية تلقى 3400 ضحية نوعاً من الدعم من "أقارب من أجل العدالة."

منصة للعمل القانوني

بتوفير هذا الدعم العاطفي والنفسي الشعبي للضحايا، تضع منظمة "أقارب من أجل العدالة" الأساس لنشاطها القانوني ونضالها في مجال حقوق الإنسان أيضاً. وهما متصلان ارتباطاً وثيقاً.

خذ، على سبيل المثال، التأخيرات في التحقيقات الرسمية. يقول طومسون أنه عندما قُتل الناس في ظروف مثيرة للجدل، مع احتمال تورط ضباط الشرطة والجيش، أخّر المسؤولون التحقيقات عمداً كوسيلة للتحايل على العدالة.

يقول طومسون: "كان الأمر يتعلق بتآكل قدرة الأسر على المحافظة على أي حملة والاستمرار، وعندما تصل إلى تلك المرحلة بعد 10 أو 15 أو 20 سنة فهو إنجاز تاريخي، ولكن الإلحاح والعاطفة قد يتبددا. ولكنك لا تستطيع قمع الحاجة لمعرفة ما حدث لأشقائك وأولياء الأمور والأجداد والعمات والأعمام".

تتضامن "أقارب من أجل العدالة" مع العائلات لمتابعة القضايا القانونية التي تهدف إلى مساءلة الحكومة البريطانية بموجب القانون الأوروبي لحقوق الإنسان. يقول تومسون أن اتفاقات السلام في البلد تتمحور حول حقوق الاتفاقية الأوروبية، لذلك، في حين أن المحاكم المحلية قد تتقدم في مسارات محدودة نحو العدالة، فإن "أقارب من أجل العدالة" - في بعض الأحيان بالتشاور مع المركز الدوليّ للعدالة الانتقالية - وجدت بعض النجاح في تحقيق العدالة من خلال إنفاذ العهود الدولية.

أحد الأمثلة على ذلك حدث في عام 2001، عندما دَعم "أقارب من أجل العدالة" الأسر والمحامين في تقديم أربع قضايا بخصوص ارتكاب جرائم قتل إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ بفرنسا. في هذه القضايا، جادلت "أقارب من أجل العدالة" أن الحكومة البريطانية انتهكت المادة 2 من الاتفاقية الأوروبية للحق في الحياة، التي تُلزم الموقعين على التحقيق الفوري والشامل والمستقل في الظروف التي يُقتل فيها أي شخص. ووجدت المَحكمة بالإجماع أن الحكومة البريطانية تنتهك هذه المادة، مما أجبر الدولة على مراجعة تحقيقاتها.

يتردد صدى تبعات هذا القرار اليوم: انُتخبت لجنة وزراء مجلس أوروبا مؤخراً لمواصلة رصد نهج الحكومة البريطانية في هذه التحقيقات، ويقدم "أقارب من أجل العدالة" تقاريراً إلى اللجنة من أجل الحفاظ على الضغط على المحققين في المملكة المتحدة. وتعتقدُ المنظمة أن هذا النهج الدولي له دور أساسي بينما تحاول الحكومة البريطانية بشكل متزايد التعامل مع الماضي بشكل انعزالي.

يقول طومسون: "إن استمرار تطبيقنا لصكوك حقوق الإنسان الدولية مثل المحكمة الأوروبية، والمقرر الخاص للأمم المتحدة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، قد أسهم في رَسْم الكيفية التي نتعامل بها مع الماضي بطريقة متوافقة مع حقوق الإنسان، وأحضر إلينا نقطة التقاء. يتعلق الأمر الآن بالتنفيذ".

"لا يمكنك المضي قدماً في هذا المجتمع حتى تتصدى للماضي. يلوح في الأفق كظلٍ كبير فوق المؤسسات السياسية والاستقرار، ولا شيء يعمل - المجتمع المدني، والعلاقات، والهياكل، والأعمال التجارية، الاقتصاد، والتوظيف - كل شيء يتأثر بتخلل الحق خلال المجتمع".

التحقيقات المحلية

تعملُ "أقارب من أجل العدالة" كذلك على ضمان الموضوعية والفعالية للجهود المحلية للكشف عن الحقيقة، مع التركيز على عمل دائرة الشرطة في أيرلندا الشمالية التي تم إنشاؤها من قبل اتفاق الجمعة العظيمة للسلام في عام 1998. وقد استحدثت الدائرة في السابق وحدة التحقيقات التاريخية (HET) التي وعدت بالتحقيق في المعلومات المتعلقة بالانتهاكات المرتكبة أثناء النزاع والكشف عنها. ومع ذلك، تقول "أقارب من أجل العدالة" أن الوحدة تفتقر إلى الموضوعية حيثما تكتظ بضباط الشرطة المتقاعدين وجنود عاملين بها. في الواقع، يقول مارك، بعض أعضاء الوحدة تواصل مع "أقارب من أجل العدالة" لتسريب أن الوحدة تدفن بعض النتائج التي توصلت إليها.

بعد تلك التجليات دعمت "أقارب من أجل العدالة" الأسر في تحدي الوحدة قانونياً. وقد حُلّت الوحدة في نهاية المطاف بعد تقرير عن تحقيقاتها واتهامات بالتحيز.

كانت "أقارب من أجل العدالة" في المقدمة تجادل بأن عملية تحقيق مستقلة خالية من التدخل من جميع أطراف النزاع وحدها يُمكن أن تنجح. ينص اتفاق بيت ستورمونت لعام 2014 بين الحكومة البريطانية والحكومة الايرلندية والأحزاب السياسية الأيرلندية على مثل هذه الآلية، ولكن تنفيذها لا يزال في مأزق بعد إدخال الحكومة البريطانية حق النقض بخصوص "الأمن القومي". ومن شأن هذا الفيتو أن يلغي الكشف عن بعض المعلومات، مما أدى إلى انتقادات المنظمات الجمهورية الأيرلندية.

"لا يمكنك المضي قدماً في هذا المجتمع حتى تتصدى للماضي. يلوح في الأفق كظلٍ كبير فوق المؤسسات السياسية والاستقرار، ولا شيء يعمل - المجتمع المدني، والعلاقات، والهياكل، والأعمال التجارية، الاقتصاد، والتوظيف - كل شيء يتأثر بتخلل الحق خلال المجتمع".


مظاهرة ضد استخدام الرصاص المطاطي مثل تلك التي قتلت فرانسيس رونتري (RfJ)

من بلفاست إلى سويتو: النضال العالمي

هذه المناورات القانونية المنعزلة العرضية ليست حلاً سحرياً - لا تزال العدالة مُعلقّة بالنسبة للغالبية العظمى من الضحايا في أيرلندا الشمالية. ومع ذلك، فإنها تؤدي دوراً هاماً في تحديد الحقيقة التاريخية حول الجرائم التي اُرتكبت خلال الصراع الأيرلندي وإرث الاستعمار البريطاني على نطاق أوسع.

يقول طومسون: "ستخرج الحكومة البريطانية في نهاية المطاف من أيرلندا بأقل قدر من الأضرار التي لحقت بسمعتها مما يترك النقابيين يحملون هذه الصفيحة. هذا هو إرث الإمبريالية الاستعمارية في كل مكان ذهب إليه البريطانيون. من خلال تصاعد التحديات القانونية لهذا الاندفاع إلى الغموض، هذا الاندفاع إلى فقدان الذاكرة، يأمل "أقارب من أجل العدالة" في إجبار جميع الأطراف - النقابيين والجمهوريين - لمواجهة الحقيقة حول الصراع مرة واحدة وإلى الأبد."

هذه الجهود يمكن أن يكون لها تداعيات تتجاوز بكثير أيرلندا الشمالية، و طومسون حريص على ربط نضال "أقارب من أجل العدالة" بالصراعات المماثلة في جميع أنحاء العالم.

خذ قضية فرانسيس رونتري الواقعة في بلفاست: كان رونتري يبلغ 12 عاماً في نيسان / أبريل 1972 عندما أطلق الجنود البريطانيون العيار المطاطي عليه. توفي راونتري وتصرّ أسرته - و"أقارب من أجل العدالة" - أنه لم يتم التحقيق بما فيه الكفاية. ولا تزال هناك أسئلة حول ما إذا كانت الرصاصة التي قتلت راونتري قد صُممت لإلحاق أكبر ضرر بضحاياها.

تعمل "أقارب من أجل العدالة" مع عائلة رونتري للدفع بتحقيق جديد، الذي تم الأمر به في العام الماضي. ومع ذلك، بينما كانت "أقارب من أجل العدالة" تشتغلُ على قضية رونتري، علمت عن مقتل مماثل في جنوب أفريقيا. كان كريستوفر تروتر 15 عاماً فقط عندما قتلته القوات الحكومية في 1976 في احتجاج على نظام الفصل العنصري. مثلُ رونتري، قُتل كقاصر بسلاح عُني أن يكون سلاحاً غير قاتل للسيطرة على الحشود. وبعد عقود، لم يكن لقبره سوى علامة مؤقتة.

تأثر طومسون بقصة تروتر، حيثما فقدت أسر أخرى في بلفاست أحباءها في حالات مماثلة. ومن ثمّ،عقدت المنظمة اجتماعاً في بلفاست بين الأسر التي فقدت الأطفال على يد الجنود البريطانيين وجمعوا المال لشاهد قبر لعائلة تروتر.

قال طومسون: "إنه عمل تضامن دولىّ بين طفلين فى قارتين مختلفتين عاشا فى مناطق تخضع للتمييز الاقتصادي وشكل من أشكال الفصل العنصري والعنف والعسكرة والصراع والنضال".

هذا النوع من التضامن الدولي هو جزء أساسي من مهمة "أقارب من أجل العدالة". ترفع المنظمة صوتها من جنوب أفريقيا إلى فلسطين وخارجها، وتصر على أنّ نضالها هو كفاح عالمي يجب ممارسته على جبهات عديدة. يقول طومسون: "عندما تشيطن مجتمع - سواء كان ذلك في غزة أو غرب بلفاست في السبعينات والثمانينيات والتسعينات - و تدعي الحكومة ومؤيدوها أنهم مجتمع إرهابي، فعندما تقتل في هذا المجتمع ينظر إلي ذلك على أنه أقل قيمة من القتل خارج المجتمع، فهذا يُرسي التسلسل الهرمي للضحية الذي يتناسب مع سرد الدولة. وهذا يتطلب توضيحات وتصحيحات تاريخية ".

تأخر العدالة

لا يزال التسلسل الهرمي للضحايا قائماً في أيرلندا، ولا يزال ظل الماضي غير المنقّب يلوح في البلد. طومسون حريص على تسليط الضوء عليه، ولكن عمله لا يخلو من خطر. لقد اضطر مرتين للتحرك بعد اكتشاف شخص شبه عسكري معروف حول منزل طومسون وعنوان عمله في جيبه، جنباً إلى جنب مع ذخيرة.

يقول طومسون: "تم تمرير بياناتي من قبل قوات الأمن للقوات شبه العسكرية الموالية خلال الصراع وتعرضتُ إلى العديد من التهديدات بالقتل. في السابق كنتُ عازباً ولم يكن لدي عائلة وكنتُ قادرًا على رعاية نفسي على أفضل وجه مُمكن، ولكن مع عائلة صغيرة الآن وحقيقة أن هذا حدث بعد الصراع فهذا مقلق للغاية. كان ذلك أيضاً مؤشراً على أن هناك عناصر داخل الشرطة وغيرها تشعر بالقلق إزاء تأثير عملنا ومن ثم نعتزم محاولة ردعنا".

ولكن طومسون غير هيّاب. تواصل "أقارب من أجل العدالة" نضالها والحاجة إلى خدماتها واضحة كما كان من أي وقت مضى. في الشهر الماضي فقط، لم ينجح التحدي القانوني الذي قدمته أرملة بات فينوكين ضد فشل الحكومة البريطانية في إجراء تحقيق في مقتله. وتزعمُ العائلة أن قرار الحكومة البريطانية يتراجع عن تعهدٍ عمره 16 عاماً بإنهاء التحقيق في النهاية. وقررت المحكمة أن الحكومة لديها الحق فى تغيير رأيها على الرغم من اتفاق بين الحكومتين الايرلندية والبريطانية على إجراء عدة تحقيقات.

عجلات العدالة بدأت في التحرك ببطء في الواقع.

في حين أن القرار هو ضربة مريرة لجهود عائلة فينوكين فهي مصممة على الاستمرار، ومن المرجح أن تستأنف في المحكمة العليا في المملكة المتحدة. ستبقى "أقارب من أجل العدالة" إلى جانبهم - كما تفعل منذ عام 1991 من الوقوف بجانب جميع ضحايا الصراع. تومبسون، كشخص، متفائل.

يقول طومسون: "كضحايا وناجين من جميع الخلفيات نريد جميعاً نفس الشيء - الحقيقة والاعتراف والمساءلة. بينما تتضح طبيعة الكيفية التي نتعامل بها مع الماضي فإن معارضي الحقيقة يصبحون أكثر تعرياً وتغدو معارضتهم لا يمكن الدفاع عنها".


الصورة: مارك طومسون، إلى اليسار، جنبا إلى جنب مع تيريزا سلان، أرملة جيرارد سلان الذي قتل على يد نفس العصابة التي قتلت بات فينوكين، والمحامي بول بيرس يتلقون نسخة من استعراض دي سيلفا في قتل فينوكين (RfJ).