تعزيز المساءلة العالمية: دور الولاية القضائية العالمية في مقاضاة الجرائم الدولية

هوارد فارني وكاتارزينا زدونكزيك
Download document

لقد راجَ، في السنوات الأخيرة، اللجوء إلى الولاية القضائية العالمية كآلية عدالة لضحايا الجرائم الدولية. ويصحّ ذلك بشكل خاصّ في ضوء الرغبة الضئيلة في المساءلة الجنائية ضمن البلدان التي تحصل فيها الانتهاكات ونظرًا إلى أوجه القصور الكبيرة في نظام العدالة الدولية. فصحيحٌ أنَّ الولاية القضائية العالمية تُواجه تحدّيات جدّية على المستويات المفاهيمية والقانونية والسياسية والعملية، إلّا أنَّها غالبًا ما تبقى السبيل الأوحد أمام الضحايا لإحقاق العدالة ومعالجة "فجوة الإفلات من العقاب". 

تهدف هذه الدراسة إلى النظر في التحدّيات التي تُواجه ممارسة الولاية القضائية العالمية، وإلى تقييم النّطاق الّذي تبقى ضمنهُ الولاية القضائية العالمية خيارًا قابلًا للتطبيق بالنسبة إلى الضحايا الذين يسعون إلى إحقاقِ العدالة في الجرائم الدولية.

تركّز الدراسة على استخدام الولاية القضائية العالمية بشأن الجرائم الجسيمة المُرتكَبة في سوريا، وتقدّم أمثلة عن قضايا الولاية القضائية العالمية المرفوعة لدى المحاكم المحلّية في مختلف الولايات القضائية. بالإضافة إلى ذلك، يُمعنُ التّقرير النّظر في العلاقة بين مبادرات المساءلة من أجلِ سوريا على المستوى الدولي من جهة والولاية القضائية العالمية من جهةٍ أخرى.

هذا ويُنظَر أيضًا في مستقبل الولاية القضائية العالمية كآلية قابلة للتطبيق في إطار العدالة العالمية. صحيحٌ أنَّ هذا الشكل من العدالة قد حقَّقَ تقدُّمًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، لكنَّه ما زالَ يُواجه معاكسات كبيرة، لا سيّما تلك التي تتّخذ طابعًا سياسيًا. وتُختتَم الدراسة بمجموعة من التوصيات التي تهدف إلى ترسيخ الولاية القضائية العالمية كوسيلةٍ معترَف بها عالميًا لإحقاق العدالة.

فتحت ملاحقة الولاية القضائية العالمية الباب أمام احتمال تطبيق العدالة في سياقات كانت مُستحيلة سابقًا. فقد أدخلَ عددٌ كبيرٌ وكافٍ من البلدان الولاية القضائية العالمية إلى أنظمته المحلّية. ولا رجوع عن هذه الخطوة. ومع ذلك، لم تحظَ الولاية القضائية العالمية عمومًا بالقبول وقد تعرّضت لانتكاسات. ويصحُّ ذلك تحديدًا على الصعيد السياسي، حيث يضيق نطاق الولاية القضائية العالمية. فالطريقُ لا يزال طويلًا قبل ترسيخ الولاية القضائية العالمية كوسيلة مُعترف بها وقابلة للتطبيق لتحقيق العدالة العالمية.