ورقة إحاطة للمركز الدولي للعدالة الانتقالية تسلط الضوء على تطورات وتحديات المرحلة الانتقالية في تونس حتى الآونة الأخيرة

28/09/2015

تونس، 29 سبتمبر/أيلول، 2015 — تواصل تونس اتخاذ خطوات نحو الوفاء بالتزاماتها بموجب قانون العدالة الانتقالية التاريخي وتحقيق أهداف ثورة 2011. إلا أن البداية الوعرة للجنة كشف الحقائق الجديدة في البلد، والتشريع المقترح للمصالحة – المتضمن للعفو– قد يدفعان بتقويض تلك الخطوات، حسب ورقة إحاطة جديدة من قبل المركز الدولي للعدالة الانتقالية. إن لم تتدارك الأمر، تجازف تونس بإهدار فرصة تاريخية لكشف الحقيقة حول انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت في عهد نظام بن علي وفترة الديكتاتورية.

تختبر هذه الورقة المعنونة: تُونِس فِي مرحَلَة انتِقَالِية: تقييم التقدم المنجز بَعْدَ عام على إنشاء هَيئَة الحَقِيقَة والكَرَامَة ، والمكونة من 12 صفحة ، العمل الذي تم حتى هذه الآونة لضمان الإقرار، والمحاسبة، والإصلاحات في تونس تبعاً لقانون العدالة الانتقالية عام 2013، مع تقييم خاص لعمل هيئة الحقيقة والكرامة خلال سنتها الأولى.

بتفعيل قانون العدالة الانتقالية، أقرت تونس مؤسسات قويمة للتصدي لإرث ماضيها العنيف والقمعي. تَتَبّع هذه الورقة الصادرة عن المركز الدولي للعدالة الانتقالية الجهود التي بذلت حتى الآن لجمع شهادات من الضحايا، وإنشاء سجل تاريخي للانتهاكات موثوق به، ومحاولة نقل قضايا لدوائر متخصصة ، وتقديم جبر ضرر للضحايا.

تقول ريم القنطري، مديرة مكتب المركز الدولي للعدالة الانتقالية بتونس: "ما انفكَّ كَشف الحقيقة حول انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتُكِبت في الماضي لا يزال هو المطلب الرئيسي للتونسيين والتونسيات من ضحايا تلك الانتهاكات وكذا أُسَرهم، وللناشطين والناشطات في مجال حقوق الإنسان، وفي مختلف قطاعات المجتمع." وتكمل القنطري، وهي كاتبة هذه الورقة: "فبَعْد ما يُنَاهِز ستِّين سَنَة من الحكم الاستبدادي، لا عجب أن نَرَى الناس يُطالِبون بالإجابات عن أسئلة من قبيل ماذا حدث، ولـِمَن حدث ذلك، وعلى يَدِ مَن حدث، ولماذا."

ومع ذلك، توضح هذه الإحاطة أن البيئة السياسية الجديدة دفعت إلى تعقيد عمل هيئة الحقيقة والكرامة ومبادرات العدالة الانتقالية الأخرى. بشكل خاص، ترد الورقة على ادعاء بعض الأوساط السياسية أن كشف الحقيقة حول الانتهاكات السابقة ومحاسبة مرتكبيها يقوض أمن الدولة أو يعوق النمو الاقتصادي.

ومن ثمّ، وفقاً للورقة، سوف تحتاج مبادرات العدالة الانتقالية إلى السعي للحصول على دعم شعبي قوي لمواجهة الإرادة السياسية المتضائلة ، كي تستمر في متابعة الالتزامات الواردة في قانون العدالة الانتقالية.

تدعو الورقة هيئة الحقيقة والكرامة لاعتماد نهج أكثر انفتاحاً وتفاعلية وتنفيذ استراتيجية للتواصل والتوعية، بحيث يفهم الجمهور بشكل أفضل غرض الهيئة ورسالتها.

وتقول القنطري:"إنَّ انخفاض مستوى المشاركة الرسمية للمجتمع المدَني في المراحل المبكِّرة من حياة الهيئة، وبِخاصَّةٍ خِلال عملية اختيار المفوَّضين، قد كلَّف الهيئة ثمنًا باهِظًا". موضحة : " تُثبِت تجارب هيئات تقصي الحقائق الأخرى في جميع أنحاء العالم أنَّ منظَّمات المجتمع المدني تضطلِع بدورٍ حاسمٍ يمتدُّ تأثيره إلى حدٍّ بعيدٍ في ممارَسَة تَقَصِّي الحقيقة وفي مسار عملية العدالة الانتقالية على وجهٍ أوسع. حيثما كانت مجموعات المجتمع المدني مُنخرِطة في مسار العملية بأكمَلِها، تكون هيئات تقصِّي الحقيقة الأقوى."

من بين توصياتها، تحث الورقة هيئة الحقيقة والكرامة على تمكين الضحايا والمجتمع المدني من المشاركة الفاعلة في سياسات العدالة الانتقالية وضمان الشفافية في هذه العملية. وتذّكر الحكومة بأن عمليات المحاسبة الأخرى مثل جبر الضرر، والإصلاح المؤسسي، والعدالة الجنائية، تحتاج إلى دفع في وقت واحد مع هيئة الحقيقة، على النحو المتصور في قانون العدالة الانتقالية، من أجل محصلة تامة.

ترى القنطري أنه "إذَا ما استطاعَت تونس أن تتَّبِعَ مَسارًا يتميَّزُ بالـمِصدَاقية ويتبنَّى نهجًا تشارُكِـــيًّا، فسوف تكون قادرة على إثبات القول بأنَّ تحقيق شِعَارِ "الكرامة الوطنية" لجميع المواطنين التونسيين والتونسيات، مثلما طالبوا به أثناء الثورة، قد يتَّسِم بالتعقيد ولكنَّه قابل للتحقيق." وهذا بدوره "يجعل من تونس مثالاً يُحتَذى به ليس في المنطقة فقط ولكن في بقية أنحاء العالم أيضًا."

يمكن تحميل الورقة كاملة الانجليزية والعربية .

للتواصل

ريم القنطري مديرة مكتب تونس، المركز الدولي للعدالة الانتقالية البريد الإلكتروني: RElGantri@ictj.org


الصورة: الضحايا في اجتماع في مقر هيئة الحقيقة والكرامة بتونس العاصمة. (من صفحة الهيئة على موقع الفيسبوك)