الحقيقة الثورية: ضحايا تونس يصنعون التاريخ في الليلة الأولى من جلسات الاستماع العامة لهيئة الحقيقة والكرامة

17/11/2016

أم تريد، قبل كل شيء، دفن ابنها. سجين أصبح التعذيب له طقساً روتينياً. أحد الناجين شاهد الحكومة تقتل أصدقائه وتلفق ظروف وفاتهم.

شارك ضحايا الاستبداد في تونس قصصهم علنا في 17 نوفمبر تشرين الثاني في لحظة تاريخية للبلد. عقدت هيئة الحقيقة والكرامة - المكلفة بالتحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في البلاد منذ عام 1955 التي ارتكبت في ظل الديكتاتورية - أولى جلساتها العامة في تونس، حاشدة الضحايا للإدلاء بشهاداتهم حول تجربتهم تحت ظل الديكتاتورية. مثلت جلسات الاستماع فرصة جوهرية للبلد لمواجهة الماضي المؤلم. منذ إنشائها في عام 2014، تلقت الهيئة أكثر من 62000 ملفاً واستمعت إلى شهادات من حوالي 11000 شخص.

تابع الآلاف من المشاهدين والمستمعين الجلسة على شاشة التلفزيون الوطني والإذاعة، وانضم إليهم جمهور في جميع أنحاء العالم من خلال البث الرقمي باللغة الإنجليزية والعربية والفرنسية. بدأت رئيسة الهيئة سهام بن سدرين المساء بمخاطبة الجمهور، مناشدة إياهم الاستماع إلى قصص الضحايا والالتزام بالعدالة نيابة عنهم.

أكدت سهام بن سدرين: "لن تقبل تونس بعد اليوم انتهاكات حقوق الإنسان، ولن تسمح بالإفلات من العقاب وهذا شرط تحقيق مصالحة وطنية حقيقية." مكملة: " فضحايا الاستبداد لهم كامل الحق في العدل والإنصاف. هذه رسالة تونس اليوم إلى العالم بأسره."

بعد كلمة افتتاح سهام بن سدرين، أخذ الضحايا الميكروفون. تم تقسيم الجلسة إلى قسمين: النساء اللاتي فقدن أحباءهن خلال الديكتاتورية أو الثورة والناجين من التعذيب.

كانت لطيفة المكناسي بين النساء اللواتي تحدثن. قُتل زوجها في عام 1991، لكنها لم تعلم عن مقتله حتى عام 2011. على مدى سنوات كانت تحضر ملابس له إلى مركز الشرطة حيث اعتقدت أن زوجها محتجز هناك، إلا أن الشرطة لم تبلغها عن مصيره.

وتحدثت نساء أخريات عن أبنائهن المفقودين، وعن أنهن لم يرن الرفات حتى الآن. يردن، أكثر من أي شيء آخر، مراسم دفن وحداد لائقين. كما أشرن أيضا إلى غضبهن على نظام العدالة ورؤية الجناة طلقاء.

قالت فاطمة أم أنيس الفرحاني : " أعرف قاتل ابني. أعرفه شخصيا و أعلم مكان عمله. ولكن المحكمة لم تفعل أي شيء لنا."

بعد أن أنهت النساء شهاداتهن تحدث اثنين من ضحايا التعذيب عن تجاربهم. أوضح سامي إبراهيم كيف تم استخدام التعذيب لانتزاع اعترافات كاذبة تحت الدكتاتورية.

قال سامي براهم: "كل ما حدث في أبو غريب والسجون في جميع أنحاء العالم ربما حدث في تونس".

وأضاف سامي أنه مستعد أن يغفر لمعذبيه، ولكن الصفح يجب أن يكون مصحوباً بتفسير للسبب الذي تعرض من أجله للتعذيب. الهدف بالنسبة له هو تسليط الضوء على هذه الفترة من تاريخ تونس: "أريد أن يكتب هذا في التاريخ، هذه الفترة المظلمة، لا أريد أن يحدث هذا لابنة أو ابن أحد من التوانسة "

اختتمت الجلسة بشهادة من جلبار نقاش، وهو ناشط بارز في المعارضة اليسارية اعتقل عدة مرات في ظل الدكتاتورية، والذي تحدث عن اعتياد التعذيب فترة الاحتجاز.

أنهى نقاش شهادته شارحا لماذا اختار أن يتحدث هذه الليلة. معبرا عن الأصوات التي تحدثت هذا المساء وعن الثورة التونسية نفسها، بقوله : "الحقيقة، أيا كان ما نفعله، ثورة."


*الصورة: الضحايا يشهدون أمام هيئة الحقيقة والكرامة في اليوم الأول لجلسات الاستماع العلني . (TDC)*