أشكاِل العدالة: دليلُ إعداد استمارات طلب جبر الضرر وعمليّات التّسجيل الخاصة بضحايا انتهاكات حقوق الإنسان

روبن كارّانزا، كريستيان كوريا، ايلينا نوتون
Download document

تحميل التقرير الكامل باللغة العربية هنا

تحميل التقرير الكامل باللغة الإنجليزية هنا

تحميل التقرير الكامل باللغة الفرنسية هنا

تحميل التقرير الكامل باللغة الاسبانية هنا

وتتضمّن الاستمارات التي تُستعملُ من أجل التّقدّم بطلبِ جبر الضّرر، مجموعةً من الأسئلة التي يُجيبُ عليها النّاجونَ أنفسهم أو أقارب الضّحايا، وذلكَ بمساعدةٍ من موظفي الحكومة أو حتى الموظّفين في منظمة غير حكوميّة. وغالبًا ما تقتضي هذه الاستمارات أن يُبرَزَ النّاجِي وثائق إضافيّة أو دلائل على أحقيّة مطلبهِ كي يحصلَ على جبر الضّرر. وفي كثيرٍ من الحالات، تتولى هيئةٌ، على اعتبارها شريكةً في تنفيذِ البرنامجِ، إتمامَ عمليّة التسجيل، وذلكَ بغيةَ وضعِ سجلٍ خاصّ بجبر الضّرر يضمُّ أسماء الأفرادِ الذين يستحقونَ جبر الضّرر، وكذلكَ للبيانات التي تخصّهم وتخصّ عائلاتهم، وجماعاتهم في بعضِ الأحيانِ. هذا وقد يضمّ السّجل أيضًا جماعاتٍ قد تستحق بأكملها لحصول على جبر الضرر. وُيُشكِّلُ السّجل المتحصّل عليه إضافة إلى قاعدة للبيانات المُرفقة به، الرّكيزة التي تُوزعُ المنافع على أساسها، وقد يقومُ، بحدّ ذاته، مقامَ إقرارٍ رسمي بالضّحايا وبالانتهاكات التي ارُتُكِبَت بحقهم. هذا وقد يُتخذُ السّجل آنف الذّكر قاعدةً من أجلِ تحديد أشكالِ جبر الضّرر أو تنفيذها، بما في ذلكَ التدابير، الرّمزّيّة منها والجماعيّة .

ونظراً إلى أنَّ برامج جبر الضّرر ترمي إلى تغطية أكبر عددٍ ممكن من الضّحايا وإلى الإقرار بهم على المُستوَيَيْن الجماعيّ والفرديّ، يجبُ أن ترتقي الاستمارُةُ بوظائفها الإدارّيّة والقانونيّة والماديّة على حدٍّ سوء، فتصبح، بحدّ ذاتها، وسيلةً آيلة إلى الإقرارِ بكرامة الضّحايا المُتقدّمين بطلبات جبر الضّرر وإلى إعادة تأكيدها. لكن، غالبًا ما يُرِّدِّدُ مُقدِّمُو الطلبات شكوًى مفادها أنَّ العمليّة، بما تتضمّنه من تعبئة الاستمارة والانتظار ريثما يُدققُ فيها وتُسجّل، قد تصير ثقيلة وبعيدة المنال لا بل ظالمة أحيانًا. ومن الأهميّة بمكان، بغية تفادي هذه المساوِئ، أن يُعِدَّ واضعو السّياسات والمُوكلونَ بتنفيذ برنامج جبر الضّرر استمارَةَ طلبٍ وعمليّة تسجيلٍ يستوفيانِ المعيار الدّولي القاضِي بتوفير "جبر ما لحق الضّحية من أذى على نحوٍ مناسبٍ وفعّالٍ وفوريّ"، حسبما نصَّت عليه  المبادئ الأساسيّة والمبادئ التوجيهيّة بشأن الحق في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي لتي أصدرتها الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة في عام ٢٠٠٥.

واستمارة جبر الضّرر هي بمثابةِ مُستندٍ يُوثقُ تجربة الضّحايا في نَيلِهم العدالة، وهي تجربةٌ أحيانًا ما تُعدُّ فريدة من نوعها واستثنائيّة، وغالبًا ما تعتبر مُباشرة وشخصيّة. وليست هذه الاستمارة عاديّة لتُيَسِّرُ المُعاملات اليوميّة بين الدّولة ومواطنيها. ومن شأنِ  استمارات طلب جبر الضّرر المُعدّة جيّداًً والمُستعملة في سياقِ عمليّة تسجيلٍ فعّالة، أن تساعدَ في تأمين نفاذ الضّحايا إلى بعض أشكالِ العدالة وفي معرفة من هم في أمسِّ الحاجة إلى العناية أو المساعدة الفورّيّة. وُيُمكنُ للاستمارات المُعبّأة أن أن تزِّوِّتزوّدَ الحكومة ببياناتٍ تفيدُ في طريقة تنفيذ برنامج جبر الضّرر أو في تحديد مُختلف أشكالِ جبر الضّرر التي قد يحتاجُها الضّحايا .

ويجبُ، أوًّلا وآخراً، أن تعدَّ  استمارات طلب جبر الضّرر والآليّات المعدّة لإدارتها، على نحوٍ يعكسُ السّياقَيْن السّياسيّ والاجتماعيّ اللّذين تستعملُ فيهما. إذ لا بدّ أن يأخذ برنامج جبر الضّرر كلًّا من حاجات الضّحايا ومورد الدّولة في الاعتبار. وتتطلّبُ إدارة برنامج جبر الضّرر، ومن ضمنه إعداد استمارة طلب جبر الضّرر واستعمالها، بيروقراطيّة فعّالة بالإضافة إلى الحدّ الأدنى من تكنولوجيا المعلومات، وبعض الأعمال المصرفيّة، وشبكات المواصلات والاتصالات .

وينبغي أن تكون لدَى واضعي السّياسات والمُدراء رؤية واضحة عمّا هو مطلوب وعمّا هو مُمكن من أجلِ تنفيذ البرنامج، والأهمّ من ذلك، من أجلِ تخفيف الوزر عن كاهل الضّحايا والعائلات التي ستتأثر بالبرنامج. وعليه، يجدرُ بواضعي السّياسات و المدراء أن ينظروا في كيفيّة تحصيلِ الوثائق والمعلومات المطلوبة من أجلِ تحديد أحقيّة الضّحيّة في جبر الضّرر، وأن يأخذوا في عين الاعتبار إن كانَت الضّحية التي تستحقُّ جبر الضّرر، تمتلكُ المصادر اللّازمة التي تخوِّلها المُشاركة في عمليّة التسجيل، ومدى سهولة تعبئة الاستمارة في حين تكون المعلومات التي يحتاجُ منفذو البرنامج إلى معرفتها متوفرة. وعلى الرغم من أنّ تحديد مُحتوى استمارة طلب جبر الضّرر أو اعدادها ما هو إلّا جزٌءٌ صغير من عمليّة التسجيل الأوسع والأطول، فهو يؤثر جدّاً  في مدى تحصّل الضّحية المُستحقة أو المستفيد من جبرَ الضّرر على العدالة من هذه العمليّة .

وتعني الإحاطة بالسّياقَيْن الاقتصاديّ والاجتماعيّ حيثُ ستستخدم الاستمارة خلالَ عمليّة التسجيل، إدراك التفاوت بين الضّحايا في النّفاذ إلى إجراءات الدّولة البيروقراطيّة وكذلك العوائق التي قد تحول دونَ نفاذهم إلى جبر الضّرر بشكلٍ خاصّ. فالضّحايا الأكثر فقراً والأقلّ تعلّمًا قد لا يتمتعون ببعض الامتيازات على غرار المعارف الاجتماعيّة أو النّفاذ إلى الوثائق .

ويعتبر تحديد مُتطلبات التوثيق بنفس أهميّة تحديد المعلومات المُفترض تحصيلها. ومن المهمّ الحرص على ألّا تكون مُتطلبات التوثيق، بحدّ ذاتها، عبئًا لا سيّما في الحالات التي قد يبلغ فيها تعدد الضّحايا عشرات الآلاف أو أنّهم يُقيمون في مناطق نائية أو يُعانون ظروفًا اقتصاديّة عصيبة. ونظراً إلى أنَّ الكثير من الضحايا والمُستفيدين المُحتملين من جبر الضّرر قد يُهمّشون بسببِ الفقرِ أو الأميّة أو الانتماء الإثنيّ أو الطّبقيّ أو النّوع الاجتماعيّ، فيعجزونَ، بذلك، عن التقدم بأنفسهم بطلب جبر الضّرر. هذ وقد لا يمتلك الكثيرون الوثائق أو المعلومات المطلوبة من أجلِ تدعيِم الطلب، كما قد يصعب نفاذهم إليها .

ففي البيرو، مثلًا، ساعدت هيئة حكوميّة الضّحايا في تعبئة  الاستمارات وفي تحديد الوثائق التي يحتاجونها من أجلِ إثباتِ أحقيّتهم في جبر الضّرر. وُوبُغية توسيع مجالِ النّفاذ إلى عمليّة التسجيلِ، تولّت فرق متنقّلة من المُسجِّلين إنجاز هذه العمليّة، فقامت بزيارة المناطق الريفيّة على امتداد البلاد من أجلِ جمع المعلومات. أمّا في الفيليبين، فقد مُنحَ الضّحايا الخيار في تقديِم مجموعة من الوثائق المُختلفة من أجلِ إكمالِ  استمارتهم، ومن جُملةِ هذه الوثائق، إفادة خطيّة مشفوعة بيمينٍ تعرضُ مُلابسات الاعتداء بالإضافة إلى واحدٍ أو أكثر من المُستندات التالية، وهي: أمر توقيف أو شهادة اعتقال أو سجلّات المحكمة أو سجلّات المُحامي أو "قصاصات من الصّحف" أو غير ذلك من "مصادر معلوماتٍ ثانوّيّة تستقى من مصادر موثوقة على غرار تقريرٍ صادرٍ عن كنيسة أو منظمة غير حكوميّة". وعلى الرغم من هذه التسهيلات، ظلت مُتطلبات عمليّة التسجيل عسيرة على بعض الضّحايا. فالاستمارة المُتقنة الإعدادِ تؤخذ فيها التفاصيل السّياقيّة في الحُسبان، ولا تعتبر مُجرّد استمارة عاديّة مثلها مثلِ أيّ استمارة أخرى إذ يجب أن تعكس الاستمارة سياقها الخاصّ ويشمل ذلك الانتهاكات التي ارتكبت في فترة زمنيّة محددة) والإحاطة بالسياق الأوسع نطاقاً الذي يحيط بالحرب أو الحكم الاستبدادي أو أعمال العنف الجسيمة (وكيفيّة تأثر الضحايا بها، والتحديات التي تعترضهم بالإضافة إلى الخصائص التي تنفرُدُ فيها الجماعات أو المُنظمات المُختلفة التي ينتمي إليها الضّحايا أو يُعتبرونَ أفرادًا منها. فمثلًا، تحوي الاستمارة التي تُستخدمُ ضمنَ برنامج سيراليون الوطني المعني بجبر الضّرر، أسئلةً موجّهة إلى الضّحايا عن طبيعة الانتهاكِ والأذى الذي تكبّدوه (على غرار فقدان أحد الأطراف أو التعرض لعنفٍ جنسيّ)، وكذلك عن المجالات المحددة التي يواجهونَ فيها هشاشةً وضعف (على غرارِ عدم توفر المأوى، أو فقدان العائلة أو قلة الدّعم من الجماعة، أو تحمّل مسؤولية الأطفال). وقد ساعدت هذه الأسئلة الضّحايا في الحصول على منافع إضافيّة، ومنها، على سبيل المثال، منحُ مبتوري الأطراف منازل مهيّأة لذوي الاحتياجات الخاصة. هذا وقد تضمّنت الاستمارات المُعدّة لجبر الضّرر الجماعيّ في كُلٍّ من كولومبيا والبيرو وتونس، عمليّة موسّعة ترمي إلى تغطية الجماعة ككُلّ،  وإلى تحديد الأذى الجماعي والمشاريع الأكثر أولوّيّة. 

وُيُفترضُ بالاستمارة وعملية التسجيل المُعدّدتين بإتقانٍ أن تأخذ في الحُسبان الموارد و القدرات التي تتمتع بها مؤسّسات الدّولة وذلك بغية إدارة المعلومات التي تحصّلها وتسجيل أكبر عددٍ ممكن من مُقدّمي الطلبات. وقد اختلفت السّبل التي انتهجتها الدّول والمؤسسات في تنفيذ جبر الضّرر. فبعض البُلدان، ولا سيّما تلكَ الواقعة في شمال الكرة الأرضيّة، تتفوقُ على ما عداها من البُلدان في  القدرات والموارد التي تُخوّلها أن تنفّذَ عمليّة التسجيل للحصول على جبر الضرر تنفيذاً مُجديًا ومُنصفاً. وإعداد الاستمارة إنّما يعني تنبؤ ما قد تتضمّنه العمليّة الأوسع نطاقًا، ويشمل ذلك الإجابة على الأسئلة التاليّة: أيّ المُؤسّسات ستتولى توزيع  الاستمارات؟ ما أنواعُ برامج الكمبيوتر وإدارة البيانات أو مواصفات الموظفين (كموظفي التسجيل، والمُترجمين ومُرّمّزي البيانات) أو طبيعة البُنى التحتيّة والموارد الماديّة (كمركز التسجيل وشبكات المواصلات والاتصالات الآمنة) التي ستُطلب؟ هل أُُوِفِيَت  الالتزامات الميزانيّة اللّازمة؟ فإذ لم تؤخذ هذه الأسئلة مُسبقاً في الحُسبان، تتعطّل عمليّة التسجيل أو تصير عسيرًةً على الضّحايا والهيئات المُنفِّذَة .

وكأيٍّ من الجهود الأخرى التي تبذلُ في سبيل منحِ الاعترافَ والعدالة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، يجبُ أن تبعثَ عمليّة التسجيل والاستمارة رسالةً واضحة إلى الضّحايا والمجتمع مفادها أنّ الانتهاكات كانت خطأً فادحًا وأنَّ للضّحايا حقوقاً لا بدَّ أن تحترم. وُيُرجّحُ أن تكونَ استمارة طلب جبر الضّرر بمثابة اللّقاء الشّخصيّ الأوّل الذي ترى فيه الضّحيّة كيفيّة تحقيقِ العدالة الانتقاليّة، إذ لا يُمكنُ للضّحايا كلّهم أن يدلوا بشهاداتهم (أو تقديم إفادات) أمامَ لجنةِ الحقيقة أو المحكمة أو أن يحضروا جلسةَ المُحاكمة .

وُيُوصِي هذ الدّليل ببعضٍ من المبادئ الأساسيّة التي من شأنها أن توجِّهَ عمليّة إعدادِ استمارة طلب جبر الضّرر:

استخلاص العبر من عمليّة التسجيل الأخرى. فمنذُ انطلاق العمليّة، لا بدَّ أن يُشاركَ في وضعِ برامج جبر الضّرر وسياساته كلٌّ من الهيئات الحكوميّة والمنظمات الدّولية التي تتمتع بخبرٍةٍ في معالجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالإضافة إلى الأشخاص ومجموعات الضّحايا ومنظمات المُجتمع المدني على حدّ سواء .

تفادِي "القانونيّة" المُفرطة. ينبغي أن يتولى إعداد استمارات طلب جبر الضّرر فريقٌ مُتعدّد الاختصاصات يضمُّ أفرادً وهيئاتٍ على حدّ سواء. إذ يُقدّمُ المُحامونَ مُساهمات وازنة في إعدادِ الاستمارة وتحديد وجهة استعمالها، وهي مُساهماتٌ لا تقلّ أهميّة عن تلكَ التي يأتي بها أفرادٌ يتمتعونَ بخبرٍةٍ في تيسير الاتصال بالجماعة وإدارة تكنولوجيا المعلومات والتعامل مع قاعدات البيانات الضّخمة وكذلكَ إجراء المُقابلات وجمع البيانات في البلدان النامية .

استغلال عمليّة الإعداد من أجلِ إطلاق شرارة الحوار. تعدُّ عمليّة إعداد استمارة طلب جبر الضّرر وعمليّة تسجيل الضّحايا وقتاً مُهمًّا يتحاوُرُ فيه مجموعات الضّحايا والفاعلون في المُجتمع المدني والحكومة فيما بينهم. وُويُعتبر إعداد استمارٍةٍ بمثابةِ فرصةٍ للتحاور حولَ كيفيةِ الشّروع بجبر الضّرر. هذا، وفي خضمِّ عمليّة التّسجيل، تسنحُ الفرصة للمُنفّذِينَ أن يُعدِّلوا استمارة طلب جبر الضّرر أإو إجراءات التسجيل وأن يُعيدوا النّظرَ فيهما أيضًا.

عدم الأذيّة. يجبُ أن تتوخّى الاستمارة المُتقنة الإعدادِ (وعمليّات التسجيل) "عدم أذيّة" الضّحايا وعائلاتهم . ويشملُ ذلكَ عدم إثقالِ كاهل الضّحايا من خلالِ الحرص على عدِم فرضِ مُتطلباتٍ إدارية وماليّة غير ضرورّيّة عليهم. هذا ويجب أن يُؤخذَ في الحسبان، خلالَ عمليّة إعدادِ الاستمارة، أنَّ استحضارَ التجارب وسردها قد يُؤِلِمُ الكثير من الضّحايا. وعليه، يجبُ أن تُخففَ الاستمارة ثقلَ استحضار التجارب، من خلال منح مالِئيها المُتسع لكافي من الوقت والمساحة كما يجبُ أن يستبقَ منفذو عمليّة جبر الضّرر الحاجةَ إلى الدّعم النّفسي الاجتماعي .

إيجاد السّبُل الآيلة إلى جعلِ ملء الاستمارة بحدّ ذاته جابراً للضرر. يجبُ أن تكون كلٌّ من الاستمارة وعمليّة تسجيل الضّحايا جابرة للضرر فعلًا. إذ يُمكنُ أن تضمَّ الاستمارة أو الدّليل المُرفق بها عباراتٍ تعترف بالضّحايا وبالأذى الذي تكبّدوه. هذا وينبغي أن تعاملَ عمليّات التسجيل مُقدّمي الطلبات بالاحترام وبالكرامة الذين للذين يُمنحان لضّحايا عانوا انتهاكات حقوق لإنسان .

استباق كيفيّة استخدام الاستمارة. من الأهميّة بمكان أن يُحاطَ، مُسبقاً، بالغاية والأهداف التي تصبّ استمارة طلب جبر الضّرر في خدمتها. فما المعلومات أو الوثائق التي تُطلبُ من مُقدّمي الطلبات، وِلِمَ؟ وكيفَ سيتمّ استخدام هذه المعلومات وتحليلها؟ وما العبر التي استخلصت من تقييم الحاجات وعمليّة البحث عن الحقيقة؟ فخلالَ عمليّة التسجيل، قد تقلّ كميّة المعلومات المطلوبة من مُقدّمي الطلبات، هذا في حال توّفّرت، في الأصل، معطياتٌ عن الضّحايا وعمّا عانوه من انتهاكاتٍ وأذى، أو في حال وُضعَت، أساسًا، توصياتٌ مُفصّلة عن نطاق برنامج جبر الضّرر المستقبليّ وعن مُحتواه. وفي حالِ كانت سياسة جبر الضّرر لم تنجز بعدُ أو كانَ واضعو الخطط في صددِ تقييم حاجات الضّحايا ويحتاجون إلى بياناتٍ إضافيّة، قد يقتضي الأمر تحصيلَ تفاصيل من نوعٍ أو مستوى آخر من مُقدّمي الطلبات. وأحيانًا ما قد تجرَى دراسة تجريبيّة صغيرة، تليها جهود التّسجيل الكاملة.

أخذ الفقر والتّهميش في الاعتبار خلالَ إعداد الاستمارة. يجبُ أن تُعدَّ استمارة طلب جبر الضّرر وعمليّة التسجيل على نحوٍ يضمنُ نفاذ الضّحايا المُستحقِّين إلى جبر الضّرر، ولا سيّما مَن كان منهم مُهمّشًا أو مُنخفض الدّخل. ولهذه الغاية، لا بدّ من استباق التحديات المترتبة عن الأمور الماليّة واللوجستية والعاطفيّة وعن مدى الإلمام بالقراءة والكتابة، التي عادةً ما تواجه الضّحايا المُهمّشين ومنخفضي الدّخل. هذا ويجدر بمُعدِّي الاستمارة أن يأخذوا في الاعتبار المسائل المتعلقة بعدِم الأمان والخوف وفقدان الثقة بالسّلطات المعنيّة والمخاوف من وصمة العار المُحتملة أو قلّة التعليم الرّسمي أو التهميش الاجتماعي والاقتصاديّ وغير ذلك من الصّعوبات التي يحتاجُ الضّحايا إلى تخطِّيها من أجلِ تبيانِ الانتهاكات أو الأذيّة التي لا يزال أثرها مستمرّ، وذلك بعضَ مضيّ سنواتٍ على وقوعها .