الضحايا يطالبون بالمحاسبة: شهادات من مصر وتونس

شهدت وقائع الجلسة الأولى شهادات من ضحايا العنف المرتبط بالمظاهرات في كل من مصر وتونس. قدم للجلسة زياد عبد التواب، نائب مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان، من خلال توضيحه أن العدالة الانتقالية يجب أن تعالج شيئين هامين: انتهاكات القوانين المدنية والدولية، وكذلك الآلام النفسية التي لحقت، بطريق مباشر أو غير مباشر، بالذين تضرروا من الأحداث التي وقعت قبل وأثناء وبعد الثورات في مصر وتونس والدول الأخرى في المنطقة.

واختتم عبد التواب كلمته، قائلا: " نحن على ثقة بأن الديمقراطية لن تتحقق إلا إذا أخذنا بعين الاعتبار تجارب عائلات الضحايا."

لمياء الفرحاني، محامية ورئيسة جمعية عائلات شهداء ومصابي الثورة التونسية، أطلعت الحضور على قصة أخيها الشهيد أنيس الفرحاني، الذي لقى حتفه أثناء الثورة التونسية.

بدأت لمياء بقولها أنه لم يكن هناك سبب أو داع للاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين. وأضافت: "بدوا وكأنهم يصطادون طيورا." شارك أخو لمياء في مظاهرة يوم 13 يناير في تونس، والتي بدأت سلمية وانتهت بمذبحة ارتكبتها قوات الأمن التونسية.

أعطت لمياء وصفا دقيقا لأعمال القتل الانتقامية التي وقعت أيام الثورة، وتعكف حاليا جمعية عائلات شهداء ومصابي الثورة التونسية على جمع تلك الروايات، التي تشمل إلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، وأماكن التجمعات، وحتى أماكن الحمامات العامة، بالاضافة إلى مهاجمة مواكب الجنازات وتسجيل أسماء المصابين داخل المستشفيات بهدف اعتقال وتعذيب هؤلاء المتظاهرين الجرحى فور خروجهم من المستشفيات.

وأكدت لمياء على أن الشئ الأهم الآن هو أن الذين استشهدوا أو جرحوا أثناء الثورة لم ينالوا التكريم الملائم، الذي يعد حقا لهم.

واختتمت لمياء كلمتها بمناقشة الآليات التي تعالج هذا الصدد، مشددة على أن المحاسبة هي واحدة من أهم أوجه العدالة الانتقالية، كما يجب أن تتم جميع المحاكمات وبرامج جبر الضرر وإصلاح القطاع الأمني والجهود الرامية لتخليد الذكرى بطريقة يتم بواسطتها تكريم احتياجات وخبرات عائلات المتضررين.

ودعت الجميع إلى توجيه التحية للشهداء الحقيقين قائلة: "إن هؤلاء الشهداء نقشوا اسماءهم بالدماء في صفحات تاريخ هذا الوطن، باسم الحرية والسلام."

فيفيان مجدي، خطيبة مايكل مسعد، الذي قتل على يد قوات الأمن المصرية خلال أحداث ماسبيرو في العاشر من سبتمبر 2011، شاركت الحضور بشهادتها عن القمع العنيف الذي استخدم في المظاهرات التي حدثت بعد مضي 9 أشهر من اندلاع الثورة وعن الجهود التي تبذلها لتقديم قتلة أخيها الى العدالة.

وبدأت فيفان شهادتها قائلة: "جئت إلى هنا للإدلاء بشهادتي على الأحداث لأنني قطعت على نفسي عهداً بإسترداد حق مايكل". كانت فيفان وخطيبها يشاركان في المظاهرات المنددة للعنف بين الاقباط والمسلمين.

وروت فيفان شهادتها على الأحداث قائلة إن المظاهرات كانت في بداية الأمر سلمية وفجأة شعرنا بأننا في وسط حرب. وبدأت قوات الأمن في الإقتراب شيئاً فشيئاً ثم قامت بضرب المتظاهرين. وقتل العديد من الأشخاص بنفس الطريقة التي قتل بها الآخرون خلال الثورة. وقالت أن خطيبها تعرض لضرب مبرح ومات وهو في طريقه الى المسشفى.

ومنذ ذلك اليوم وفيفان تناضل من أجل إسماع قصتها والإدلاء بشهادتها أمام السلطات حول الأحداث والجهة المسؤولة عنها.

وأكدت فيفان على أهمية أن تتضمن المحاسبة على أحداث الماضي كل الأحداث التي وقعت خلال حكم النظام السابق والأحداث التي وقعت خلال الثورة والأحداث التي تشهدها الفترة الانتقالية الحالية.

ووجهت فيفان الشكر لمنظمي المؤتمر والمشاركين لعقد مثل هذه المنتدى الحواري الذي يناقش مسألة المحاسبة وطلبت من المشاركين والعالم بأجمعه عدم نسيان قصتها والأحداث التي وقعت.

وفي الجلسة التالية، قام كل من مارسي مورسكي، مستشارة أولى في دائرة البرامج بالمركز الدولي للعدالة الانتقالية و نيك كومجيان، محامي وخبير في القانون الدولي الجنائي باستكمال المناقشات من خلال طرح تجارب مقارنة من أمريكا اللاتينية وأفريقيا وأوروبا وركزا على مسألتي البحث عن الحقيقة والملاحقات الجنائية .